نبذة عن كتاب وثائق التعليم العالى فى مصر خلال القرن التاسع عشر “المجلد الأول”
علي الرغم من أن محمد علي لم يتعلم القراءة والكتابة إلا بعد أن تجاوز الأربعين من عمره، وبالرغم من أن التعليم في مصر قبل عهده كان قد انزوي في أروقة الأزهر وصحون بعض المساجد وأبنية الكتاتيب واقتصر علي إتقان الأحكام الشرعية الاعتقادية، فقد وجه محمد علي جل اهتمامه إلي التعليم في مصر بكافة مراحله متبعاً في ذلك أحدث نظم التعليم الأوربية في ذلك الوقت حيث أيقن أن بناء الدولة الحديثة التي ينشدها يحتاج إلي جيش قوي لا تكتمل كفاءته إلا علي الأساليب الحربية الحديثة التي تقوم علي العلم والمعرفة، وهذا يحتاج إلي أعداد من المهندسين والأطباء والمعلمين والمترجمين ونتيجة لذلك رأى محمد علي أن يبدأ السلم التعليمي من رأسه فبدأ بتأسيس المدارس المتخصصة للوفاء باحتياجات حكومته من المتخصصين وتوفير متطلباتها من الموظفين في شتي نواحي النهضة وتكوين الرجل المحترف بحرفة يكتسب بها عيشه، كما قام بإيفاد البعثات العلمية في مختلف التخصصات إلي الخارج وأمر بترجمة العديد من الكتب الأجنبية إلي التركية والعربية في قسم ملحق بمكتبة بالقلعة ليسهل الإفادة منها. وبهذه الوسائل الثلاث حاول محمد علي أن ينقل الغرب إلي مصر ليحقق أهدافه في بناء الدولة الحديثة. ولكنه لم يحاول أن ينقل مصر إلي الغرب بل احتفظ لها بتراثها وتقاليدها الشرقية وإن كان قد مزجها بحضارة الغرب وعلومه، وبذلك أوصل حاضرها بغابرها وأقام النهضة المصرية الحديثة علي أسس مزجت بين التطور في العالمين الشرقي والغربي. والجدير بالذكر أن التعليم الحديث وجد من المصريين إعراضاً في بداية الأمر، وبخاصة أن التلاميذ كانوا يعيشون في المدارس بعيداً عن أهلهم، ولكن ذلك لم يستمر طويلاً فبعد أن رأي الأهالي أن خريجي هذه المدارس يتقلدون المناصب الحكومية ويتقاضون المرتبات الكبيرة، ويرتدون الملابس الجيدة أقبلوا علي تعليم أولادهم.
وفيما يلي نعرض لهذه المدارس والمؤسسات العلمية وأهم وثائقها في القرن التاسع عشر، وتشمل الفترة ابتداء من عصر محمد علي وانتهاء بعصر توفيق وأوائل عصر عباس الثاني.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.