هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة؟ “هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان”

نبذة عن كتاب هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة؟ “هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان”

إن من يطلع على مناقشات أتباع المذاهب واختلافاتهم لا يشك أن “فتنة التعصب المذهبي” من عوامل انحطاط المسلمين وتأخرهم، لأنها مسخت عقولهم، فأصبحوا لا يفكرون إلا بعقول غيرهم، في حين أن الأئمة وتلاميذهم الأوائل- رحمهم الله- لم يتعصبوا لأقوالهم تعصب الأتباع الذين نسوا حظًا مما أوصاهم أئمتهم به، فأغرى الشيطان بينهم العداوة والبغضاء، فأوقدوا نار حرب أطفأها الله، بل أعرضوا عن أقوال الأئمة المجتهدين، وعضوا بالنواحذ على افتراضات المتأخرين الذين لم يبقوا من المذاهب إلا الاسم.
هذه الحقيقة أدركها كثير من العلماء على مر العصور، فكتبوا عنها، فأجادوا وأفادوا، لكن رسالة العلامة المعصومي- رحمه الله- المسماة: “هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان” ربما تكون على صغر حجمها من أكثر ما كتب في الموضوع فائدة وعائدة، لما امتازت به من سلاسة العبارة، وقوة الحجة، فجمعت فأوعت، بل إنني أعدها “مصرع فتنة التعصب المذهبي”.
وقد أجريت فيها قلمي فى هذه الرسالة اللطيفة تقديمًا وتخريجًا وتحقيقًا، وقد رأيت بعض المواضع تحتاج إلى زيادة بيان وتفصيل، فعلقت عليها بإيجاز غير مخل، ولاحظت حشوًا في بعض المواطن، فحذفته اختصارًا حتى لا يمل. فإن أصبت ووفقت: (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)، وإن أخطأت وقصرت: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء). وإنني لأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بهذا العمل المسلمين الذين لا يقدمون بين يدي الله ورسوله أمرًا، ليمتشقوا حسام العلم. لينفوا عن الإسلام تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وتعصب المقلدين، الذين اتخذوا هذا القرآن عضين، وفرقوا دينهم شيعًا فكانوا عزين.