ملقى السبيل

نبذة عن كتاب ملقى السبيل

هذا الكتاب آخر، من كتب أبي العلاء التي أملاها إبان اعتزاله، لكنه ليس من نمط (السقط) و(الضوء)، اللذين قدمتهما قبل عامين، بعنوان: (سقط الزند وضوءه)، أي أنه ليس عن الشعر كـ(الضوء)، ولا من النظم الشبيه بنظم الناس كـ(السقط)، إنما هو من نمط آخر، نمط العظة والاعتبار، الذي توخاه أبو العلاء في جل أماليه، منذ لزم بيته واعتزل الناس، ولأن الكتاب لم يقدم بالتحقيق العلمي في أي من طبعاته- أقدمت على تحقيقه بعد أن جمعت مخطوطاته.
لكن الجدير بالذكر، أنني لم أكد أصل في التحقيق إلى (حرف الشين)، حتى ما لم أحتسب أن يكون، وجدت ابن السيد البطليوسي (444- 521 هجري) قد شرح ستًا من منظومات (ملقى السبيل)، ضمن ما شرح- مع (سقط الزند)- من غيره، وجدت ذلك في (شرح المختار من لزوميات أبي العلاء). بهذا العثور على شرح ابن السيد والإيراد له، لم يعد التقديم لـ(ملقى السبيل) وحده، بل له ولشرح ابن السيد عليه، كما لم تعد المعارضة من الأندلسيين للكتاب، هي كل ما كان من عنايتهم به، لأن ثمة عناية أخرى، قد كانت من هذا العالم الأندلسي الفذ، بأن اختار منه للشرح مع (السقط)، مثلما اختار غيره.
وقد كان عملي في الكتاب هو مقابلة النسخ، واستكمال النقص، بدءًا بالأصلين المسندين، مع الشرح لما يحتاج إلى الشرح، مع لفظ أو معنى، ومع التوجيه لما ينبغي من الرواية كلما اقتضى الأمر التوجيه. على أنني هنا قد عملت ما لم أعمله في تحقيق سابق، حيث بدأت بفهرسة ألفاظ الكتاب، أو بما يسمى (معجم الكتاب)، الأمر الذي جعلني عند التعليق على أي لفظ، مدركًا لسياقه في الكتاب ولمدى تردده- أو تردد مشتقات مادته- فيه.