نبذة عن كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية في فكر الإمام سيد قطب
إن أكبر قناعة تملكتني، بعد الفراغ من هذا البحث، هي أن الأستاذ سيد قطب، هو مجدد القرن الرابع عشر بلا منازع. والإمام، وهو صاحب فكر قرآني كبير. والأستاذ بذلك، فتح للبحث فى الشريعة آفاقاً، ووسع للنظر فيها أعماقاً، مواجهة للفكر الوافد من الغرب، وتحريكاً للراكد في الشرق، برهنة على قدرة هذه الشريعة على توجيه الحياة الخاصة والعامة، فرداً ومجتمعاً ودولة، وبالتالي التكيف مع ما أنتجت حضارة الغرب، ومواكبة تطورات القرن الحادي والعشرين. إن أعظم ما ترك لنا الأستاذ من ثروته الفكرية النفسية، الخروج من النظر- في الشريعة ومقاصدها- من ضيق دائرة الفروض العينية الفردية إلى الدائرة الأوسع، وهي الفروض الكفائية الاجتماعية، ومن الإغراق في الظنيات إلى اصطحاب القطعيات كأساس لهذا النظر. كما أسهم الأستاذ سيد قطب إسهاماً بالغاً وكبيراً في بيان مقاصد التشريع الإسلامى، ولقد أسس لنظريات كثيرة في الاجتماع والاقتصاد، وأبرز كثيراً من الجوانب التي لم تبرز من قبل كما تبرز بالوضوح الذي صوره هو في كتبه، إضافة إلى محاولاته العظيمة لوضع أسس عامة لصورة المجتمع المسلم في القرن الرابع عشر الهجري في مواجهة تعقيدات وأوضاع القرن العشرين. وسنجد في الفصول التالية حقيقة ذلك، وإن كان الأستاذ لا يطرحها بالصورة التي سنعرضها- وهو أمر بديهي-؛ لأن الأستاذ لم يكن منشغلاً بالإخراج الأكاديمي الصارم لمؤلفاته.
أما عن أسباب اختيار الموضوع فهي: إنصاف الأستاذ سيد قطب من خصومه وأنصاره على السواء، التنبيه إلى هذه الثروة الفكرية المقاصدية، التي يستطيع كل باحث استخراجها من مجموع مؤلفاته وجمعها، في سبيل الإسهام في تغذية وعاء المقاصد بالأفكار الجديدة، بيان الوجه الآخر لسيد قطب، كمجدد للقرن الرابع عشر الهجري، وإعطائه مكانته المستحقة الحقيقية، ومحاولة إخراج فكرة المقاصد من الجانب الفردي الضيق إلى سعة المجتمع وفضاء الدولة، وإعادة قراءة وصياغة فكرة المقاصد في توازن وتناسق وعمق، استجابة لحاجات القرن الخامس عشر للهجرة، ومواكبة لتطورات القرن الحادي والعشرين للميلاد.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.