نبذة عن كتاب سوق نايف
تشكل رواية “سوق نايف” تجسيداً للزمن الغابر بمعنى من المعاني، وتجسيداً لقيم الحياة التي أصبحت الآن عرضة للمساومة، والصراع عليها بين من يريد الإحتفاظ بها أو التخلي، عنها فإن يتخلى الإنسان عن المكان، يعني أن يتخلى عن الذاكرة، وهو ما لم يفعله “محمد” بطل رواية (سوق نايف) للروائي عبيد إبراهيم بوملحة، وقد استحضر “سوق نايف” الذي يعد من أكثر الأسواق حيوية في دبي إلى مسرح الأدب في محاولة منه لتلمُّس أرضاً يمكن الوقوف عليها والإنطلاق منها في صنع وقائع حقيقية أو متخيلة يفصح عنها السرد لاحقاً.
في هذه الرواية يكتب بوملحة وفق طريقة خاصة، تتشكل من نسقين: لفظي يحدد منطوق الشخصيات، وتوجيهي يحدد حركة الشخصيات، ويحدد مجال المشهد، وزمنه، ومكوناته المادية والصوتية، وهذه الطريقة تتمايز في كتابة السرد الروائي، فجاءت الرواية عبارة عن وحدات سردية على نمط السيناريو السينمائي، ويأتي حريق سوق نايف ليجسد هذا المشهد بكل تفاصيله، وغايته القصوى وصول الحكاية للمتلقي دون أية عراقيل سردية.
لكن الصراع الحقيقي في هذه الرواية بكل تفاصيلها ووقائعها يأتي من السؤال إن كانت شخصيته “محمد” المحورية في الرواية كانت بطلاً أم شاهداً على الحدث، والجواب أن الروائي صنع من البطل شاهداً، أي أنه سارداً من داخل الحكاية، سارداً مشاركاً، وهو أحد الأبطال، وبهذا بدا سارداً مساهماً في اللعبة، والنوايا التي يضمرها هي التي تكشف عن صحة مواقفه ومثله وأخلاقياته، وهو ما يتم التعبير عنه في المشهد الأخير من الرواية حيث المشاركة في إطفاء الحريق…
أشار الآسيوي إلى حيث يستقر سوق نايف، وقال: “سوق نايف يحترق”! صرخوا غير مصدقين: “ماذا”! ركضوا خلف الآسيويين وغريب يدفع كرسي هلال ويلحق بهم، وصل محمد إلى السوق فرآه يستعر ناراً، الناس تركض إلى داخل السوق لتنقذ بضاعتها، كلّ يخرج ما يستطيع حمله ويصنعه على الرصيف بعيداً ليعود مسرعاً إلى الداخل… أغلق محمد عينيه، شعر بأن الدنيا تدور به، يختنق لا بكاء يجرّ نفسه… “تزز، تزز”، ثم سقط على الأرض، عاد محمد وفتح عينيه وقد شعر بحرارة شديدة، سمع الصرخات حوله “حريق، حريق”…”.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.