نبذة عن كتاب رحلة إلى الحجاز
فرحت فى أول الأمر بالفرصة التى أتاحت لى هذه المرحلة وقلت لنفسى: إن المصريين يخرجون أفواجا أنى الاقطار الأخرى وصار ذلك سنة مرعية عندهم، حتى ليخيل للمرء فى مقدمة المصيف أن هذة الأمة المصرية قد ازمعت أن تهاجر إلى واد غير واديها، وكنت فى صيف كل عام أخشى أن لا يبقى فى البلاد غيرى، وأن لا يعمرها سواى، فلما عرضت هذه المناسبة للسفر إلى الحجاز فى الشتاء قلت: حسن: دقة بدقه والبادى أظلم، لقد عمرت الوادى من قبل فلتعمره الأمة الآن، ولتقم عنى بواجب الحراسة التى أرانى كأنما كنت موكلا بها، فما أحسب أحد أطاق أن يقيم كما أطقت، لكأنها كنت كلبآ حارسآ لا إنسانآ له ديباجة تخلق، وتستحق أن تتجدد.
وسرنى على الخصوص أن السفر إلى الحجاز لا إلى الغرب، ذلك أن الغرب يزور مصر، ولو شئت لقلت: إنه يغزوها، فلسنا نحتاج أن نزوره، أما الحجاز فأمره مختلف جدا، ولنحن خلقاء أن نجعل علمنا بالشرق العربي أعمق وصلتنا به أوثق وارتباطنا به أمتن، وما أحسبنى أبالغ حين أقول: أن مستقبل الشرق واحد وإن تفاوتت خطى أبنائه، ومن الجهل أن نشيح بوجوهنا عنه، ومن الخرق أن نتجاهله ومن البلاد أن ننسى أننا مرتبطون به وإن خفيت الخيوط، ومن الغفلة أن نتوهم أن الرحيل لا يكون نافعآ إلا إلى الغرب، وأنه لا فائدة تكتسب من زيارة الشرق والأطلاع على أحواله.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.