الإسلام السياسي في سوريا

نبذة عن كتاب الإسلام السياسي في سوريا

تطرح تقسيمات الإسلام السياسي تحديات جدية، إزاء ما يتعلق بالمعيار أو المنهج الذي يعتمد عليه في التقسيم، إذ نلحظ اختلافات في التوجهات الفكرية والإيديولوجية، واختلافات تنبع من النشأة الجغرافية، واختلافات أخرى تعود إلى المواقف السياسية وتعدد وجهات النظر، بيد أننا نلحظ أن أغلب التقسيمات المعتمدة أو المعايير التي يفرز على أساسها الباحثون حركات الإسلام السياسي، إنما يستند إلى موقف هذه الحركات من العنف أو التطرف. إنه معيار يرتكز على التأثير السياسي لهذه الحركات، ومدى قدرتها على التغيير بالأساليب السليمة، أو تبنيها أشكالاً مختلفة من العنف.
وسوف نستخدم مصطلح الإسلام السياسي، الذي نعني به الحركات الإسلامية (أو كما اصطلح على تسميته في مواضع أخرى بالأصولية الإسلامية)، أي الحركات السياسية التي تمارس السياسة، انطلاقاً من مرجعيتها الدينية الإسلامية.
لقد شكل الإسلام السياسي في سوريا مكوناً بارزاً في الحياة السياسية منذ نيل سوريا استقلالها حتى الوقت الحالي، وقد تعاظم دور الحركات الإسلامية في سوريا بشكل كبير، خلال فترتي الستينيات والثمانينيات، حيث تصاعدت موجه العنف حينئذ بشكل غير مسبوق، ثم أعيد طرح الموضوع مجدداً اليوم، مع ملاحظة عودة مظاهر التدين الشعبي بشكل كبير لدى أفراد المجتمع السوري، ووجود حركة سياسية إسلامية في الخارج هي حركة الإخوان المسلمين، تحاول طرح نفسها بديلاً سياسياً مستقبلياً، وهي تعتمد على المرجعية الإسلاامية، محدداً رئيسياً في رؤيتها السياسية ورؤيتها الاجتماعية ورؤيتها الاقتصادية، وإن كان قد داخل خطابها تحولات عميقة، سوف تحاول هذه الدراسة تتبعها ورصدها.
وتتناول الدراسة تطور العلاقة بين السلطة والحركات الإسلامية في سوريا، ودور هذه الحركات في صوغ المجال السياسي، وتبيان حدود تأثيرها فيه، وهي إذ تقوم بذلك، تحاول –على المستوى نفسه- دراسة تطور مؤسسات الدولة السورية المختلفة، وكيفية تأثير شكل النظام السياسي الذي ساد في سوريا منذ عام 1963، في مستقبل الحركات الإسلامية بشكل خاص، ومستقبل الحياة السياسية في سوريا بشكل عام.
كما تطرح الدراسة سؤالاً اجتماعياً، يقوم على التفريق بين رصد مظاهر التدين الشعبي، وبين تأييد الحركات الإسلامية، في محاولة للفصل بين المنظورين، لئلا نسقط في فخ التضخيم (تضخيم دور الحركات الإسلامية)، أو التعميم (إطلاق أوصاف تعميمية على المجتمع).
وفي النهاية تتطرق الدراسة إلى مستقبل الإسلام السياسي أو مآله في سوريا، وحظوظه السياسية في ظل السيناريوهات المختلفة المرتبطة بالتحولات التي قد يشهدها النظام السياسي السوري.