الأسطورة الخضراء، النمو الاقتصادي وجودة البيئة

نبذة عن كتاب الأسطورة الخضراء، النمو الاقتصادي وجودة البيئة

يتمثل الهدف من هذا العمل في أن نلقي نظرة عن قرب على العلاقات التي تربط النمو الاقتصادي بالجودة البيئية، فمن غير الممكن أن نتجاهل التهديد الذي تتعرض له البيئة نتيجة للنمو الاقتصادي بالانشغال بالإخفاقات الذريعة للنبوءات المتشائمة السابقة. ومع ذلك فإن الاقتصاد العالمي الحالي أكبر حجماً مما كان عليه منذ 200 عام أو 30 عاماً مضت، عندما صاغ مالتوس وميدوز تحذيراتهما، ولذلك فإن احتمال مواجهة فرض قيود على الموارد ربما كان في الوقت الراهن مرجحاً أكثر مما كان في مراحل سابقة. كما أن المشكلة التي هي قيد الدراسة الدقيقة هنا تختلف عن المشكلة التي سبق تناولها في دراسات سابقة. ويكمن أحد الفروق في أن مفهوم “الجودة البيئية” يعتبر أكثر ذاتية وإبهاماً مقارنة بمفاهيم مثل حجم السكان أو كمية إنتاج الغذاء، أو إمدادات المعادن والطاقة، وهي النقاط الرئيسية التي تدور حولها دراسات مالتوس وميدوز. ومع هذا، فإن أولئك الذين هم على دراية بالجدل السابق حول التهديد الذي تتعرض له رفاهية الإنسان من جانب بعض العوائق المرتبطة بالموارد المادية، سيتعرفون بلا شك من خلال معالجتي للموضوع في صفحات هذه الدراسة إلى الآراء والحجج الرئيسية التي طرحتها الأطراف المعنية في المناقشات التي جرت في الماضي.
وفي مقابل المخاوف المتكررة بشأن التدهور البيئي المستمر نتيجة للتوسع الاقتصادي، والتي تم التعبير عنها في الدوائر الخضراء وفي أماكن أخرى، فإن مبدئي الأساسي يقوم على محددات قاعدة الموارد البيئية لا تشكل عائقاً مقيداً للنمو الاقتصادي. واعتمد في ذلك المبدأ كثيراُ على الأدلة التاريخية التي تدل على أن تصرفات الإنسان أسهمت غالباً في تحسين الأحوال البيئية.
سيجري تناول موضوع هذه الدراسة كما يأتي. أعرف في الفصل الأول المفاهيم الرئيسية وأوضح المنطلقات الأساسية للتحليل الذي سيليها. وبعد الدراسة الدقيقة للبيانات التاريخية والمعاصرة، أسعى في الفصل الثاني إلى تفنيد المزاعم المتعلقة بالعلاقة السلبية بين مستوى النشاط الاقتصادي، أو النمو الاقتصادي من جهة، والجودة البيئية من جهة أخرى. ويليه الفصل الثالث الذي يوضح احتمال تحسين وضع البيئة عن طريق بذل جهود واعية لتعديل الأحوال الطبيعية بحيث تتناسب واحتياجات محددة للإنسان. أما الفصل الرابع فيشرح السبب الذي يجعل تزايد مستوى النشاط الاقتصادي يؤدي عادة إلى التقليل من التأثيرات الخارجية ومن الضرر البيئي الذي نتج عنه. ويتناول الفصل الخامس التركيب المتغير للناتج المحلي الإجمالى خلال عملية التنمية الاقتصادية، وما يعقب ذلك من انعكاسات على التلف البيئي. أما الفصل السادس فيستقصي تفضيلات المستهلك وقيمه المتغيرة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى مخاوف بيئية أكبر وإلى اتخاذ خطوات ستعمل على تحسين الأحوال البيئية، في الوقت الذي تصبح فيه الاقتصاديات أكثر غنى. وفي الفصل السابع أقارن بين عمليات النمو الاقتصادي المستدامة من الناحية البيئية وتلك غير المستدامة، وذلك في محاولة لتعريف الأسس البيئية الحاسمة بالنسبة إلى النمو الاقتصادي. أما أهم النتائج والاستنتاجات فقد تم إيجازها في الخاتمة.