إيقاظ الهمم فى شرح الحكم

نبذة عن كتاب إيقاظ الهمم فى شرح الحكم

اشتهرت حكم ابن عطاء واقترنت باسمه رضي الله عنه، فحيث أطلقنا الحكم لم يتبادر إلى الأذهان إلا الحكم العطائية، وقد ذاع صيتها لما فيها من العلوم والمعارف الربانية، والأسرار العلية، والإشارات السنية الجامعة لدقائق علم التوحيد ومقاصد السير والسلوك إلى ملك الملوك جل وعلا، ولما لها من تأثير بالغ في تهذيب النفوس وتصفية القلوب وتربية الوجدان؛ حتى قال بعض العارفين: كادت الحكم أن تكون وحياً.
وقد صاغها المؤلف رضي الله عنه بأسلوب سهل واضح المعاني عذب الكلمات، وقد ضمنها من علوم القوم أربعة- كما يقول الإمام ابن عجيبة في شرحه الذي بين أيدينا: الأول: علم التذكير والوعظ، وقد حاز منه أوفر نصيب، وهو لمقام العوام، الثاني: تصفية الأعمال وتصحيح الأحوال بتحلية الباطن بالأخلاق المحمودة وتطهيره من الأوصاف المذمومة، وهذا حظ المتوجهين من الصادقين والمبتدئين من السالكين، وقد حاز منها جملة صالحة، الثالث: تحقيق الأحوال والمقامات وأحكام الأذواق والمنازلات؛ وهو نصيب المستشرقين من المريدين والمبتدئين من العارفين، وهذا النوع من أكثر ما وقع فيه، الرابع: المعارف والعلوم الإلهامية؛ وفيه منها مالا يخفى، لكن كتبه ملئت بشرحها لاسيما التنوير ولطائف المنن اللذان هما كالشرح لجملة هذا الكتاب وبالجملة فهو جامع لما في كتب الصوفية المطولة والمختصرة مع زيادة البيان واختصار الألفاظ والمسلك الذي سلك فيه مسلك توحيدي لا يسع أحد إنكاره، ولا الطعن فيه ولا يدع للمعتني به صفة حميدة إلا كساه إياها، ولا صفة ذميمة إلا أزالها عنه بإذن الله تعالى.
ومن هنا كان اهتمام كثير من العلماء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم بهذه الحكم، فقاموا بشرحها ونظمها بل وحفظها والاقتباس من أنوارها والاهتداء بأسرارها على مر العصور والدهور منذ صاغها المؤلف رضي الله عنه إلى وقتنا الحاضر.
ومن أجل هذه الشروح قدراً وأعظمها نفعاً الشرح الذي بين أيدينا: “إيقاظ الهمم في شرح الحكم” للإمام العارف الكبير والمفسر الشهير سيدي احمد بن محمد بن عجيبة الحسني (ت 1224هـ) رضي الله عنه، فقد جمع فيه من آداب القوم وأذواقهم ومواجيدهم ما يقوى عزيمة المريدين ويرفع همم السكاكين، وأودع فيه من الأسرار والأنوار ما ينير الدرب للسائرين ويقر أعين العارفين.
هذا وقد قمت بإعادة نشره لعموم نفعه، فقمت بعزو آياته الكريمة إلى مواضعها من المصحف الشريف، وتخريج أحاديثه الشريفة من مصادرها الأصلية من كتب السنة المطهرة مبيناً درجة الحديث من حيث الصحة والضعف على وجه الاختصار، وما كان فيها من ضعف فالخطب فيه يسير، لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، كما نص عليه الأئمة من أهل هذا الفن.