نبذة عن كتاب أمن الخليج في القرن الحادي والعشرين
لقد كتب الكثير عن الجوانب العسكرية لأمن الخليج منذ قيام العراق بغزو دولة الكويت عام 1990. وفي الوقت الذي يعتبر فيه تحليل التهديد العسكري في صلب اهتمامات الأمن الإقليمي، فإن حصر التركيز على التهديدات العسكرية في منطقة الخليج، سوف يسقط من الحسبان كثيراً من العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتصل بقضية الأمن اتصالاً جوهرياً.
إن تحليل التهديد العسكري له أهميته القصوى على المدى القصير، لأنه يجمع بشكل نموذجي بين دراسة النوايا السياسية-العسكرية والقدرات العسكرية للخصوم المحتملين. أما على المدى الأبعد، فإذا نظرنا إلى القرن الحادي والعشرين، فإنه على الأرجح-سوف تتغير خلاله كل من القدرات والنوايا العسكرية تغيراً جوهرياً، وذلك استجابة للظروف المتغيرة في تلك المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تؤدي دوراً مهماً في منطقة الخليج العربي. وهذه العوامل غير العسكرية لا تستطيع التأثير في التهديد العسكري فحسب، ولكنها أيضاً تستطيع أن تخلق أخطاراً داخلية وخارجية.
وعلى سبيل المثال، فإن تغيراً مفاجئاً في نظام حكم ما، يمكن أن يمثل واحداً من هذه العوامل، ذلك أن النظم التي تخلف هذا النظام يمكن أن تقوم بوضع ترتيبات للأولويات تختلف عن تلك التي كانت قد وضعتها النظم التي سبقتها خاصة إذا ما حدث هذا التغير دون فترة انتقال مستقرة نسبياً. وتعتبر إيران مثالاً جيداً لهذه النقطة، فقد تحولت الولايات المتحدة الأميركية من صديق حميم لحكومة الشاه، لتصبح “الشيطان الأكبر” من وجهة نظر الحكم الذي جاء بعد اندلاع الثورة. لذلك فإنه عند محاولة تقويم آفاق أمن الخليج في القرن الحادي والعشرين، فإن تركيز هذا الكتاب سوف لا يكون فقط على التهديدات العسكرية، ولكنه سوف يبحث بشكل أساسي في القضايا الأوسع المتعلقة بالجغرافيا السياسية والتغيير الاجتماعي والاقتصادي. والحقيقة أن الأمن الشامل، بمعناه القومي والشخصي، يجري تعريفه بهذه الجوانب، مثل التنمية الاقتصادية، والتغير الاجتماعي، والنمو السكاني، والاهتمامات الصحية. ويمثل كل ذلك جزءاً لا يتجزأ من هذا الكتاب، فضلاً عن الاهتمامات الجيو-استراتيجية التقليدية، والتي ستظل تسيطر على كثير من النقاش الأكاديمي حول أمن منطقة الخليج.من القضايا الملحة التي يناقشها الكتاب التهديدات العسكرية التي تواجه منطقة الخليج العربي، والعقبات التي تعيق التنمية الاقتصادية، وتمنع مواكبة التطور الاجتماعي للتطور الاقتصادي، بالإضافة إلى التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي وهذا الكتاب هو عصارة جهد وفكر صفوة من الأساتذة والخبراء من منطقة الخليج ومن دول أخرى. فالأحداث التي مرت بها المنطقة منذ حرب الخليج الثانية 1990-1991 تؤكد على استمرار حالة عدم الاستقرار على المستوى الإقليمي، رغم الجهود الدولية لحفظ الأمن في منطقة الخليج العربي.
ويركز الكتاب على دراسة السياسة الخارجية الإيرانية إزاء جاراتها من الدول الخليجية، وغالباً ما تتسم هذه الساسة بالغموض. ويدرس التهديد العسكري العراقي، الذي ينبعث من جديد، والخيارات المتاحة لسياسة الولايات المتحدة إزاء الشرق الأوسط، والعقبات التي تواجه هذه السياسة. كما يتعرض لمسألة عدم قدرة أوربا على تحديد وانتهاج سياسة موحدة لحماية مصالحها الاقتصادية في منطقة الخليج العربي.
وبالإضافة إلى هذه القضايا يقدم الكتاب تحليلاً للمحاولات الروسية لتحقيق التوازن بين أهداف سياستها الخارجية في منطقة الخليج، وبين مصالحها الدائمة في آسيا الوسطى. ويناقش قضايا أخرى يحتمل تفجرها، كالتطرف الديني والتحديات التي تفرضها التعددية الديمقراطية، في محاولة للتأكيد على أن القدرات السياسية والاقتصادية الكامنة في منطقة الخليج يمكن أن تساهم في تعزيز الأمن الإقليمي، كما يمكن أن تساهم في زعزعته. ويسلط الكتاب الضوء على العقبات التي تحول دون حلّ النزاعات الحدودية، في منطقة الخليج والمناطق المحيطة بها، ويوضح التوترات التاريخية التي تعثر حلها بين دول المنطقة.
وفي الختام يتناول الكتاب مسألة شائكة وهي اعتماد دول الخليج العربية على العمالة الأجنبية، ويلقي الضوء على الضغوط الديمغرافية المتزايدة التي رافقت الازدهار الاقتصادي والتحولات الاجتماعية، وعلى التحديات التي تواجه السياسات العامة التي تتبناها دول المنطقة في حل هذه المشاكل.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.