مسألة أصل الأكراد في المصادر العربية

نبذة عن كتاب مسألة أصل الأكراد في المصادر العربية

إن الموضوعات التي تناولها المؤلفون العرب في القرون الوسطى، والمعلومات المتناثر فيها تعد، دون شك، من أوفر المعلومات حول ما يخص الأكراد وتاريخهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في العصور الإسلامية. هذه حقيقة يتفق عليها الكثيرون من الباحثين الشرقيين والغربيين. وعلى الرغم من المزاعم والافتراءات التي التصقت بالشعب الكردي، والروايات التي نجست حول نسبهم وأصولهم ومعتقداتهم، فإننا على يقين بأن هذه الدراسة ستتيح المجال أمام القراء والدارسين للنقاش والاستزادة منها، بغية التوصل إلى الحقيقة النسبية، التي يتفق عليها كل ذي يصر وبصيرة، ويتقبلها المنطق العلمي السليم.
إن بحث مسالة أصل الأكراد وفق المصادر العربية يتناول جانباً مهماً من جوانب العلاقات العربية-الكردية، وهو الجانب الذي لم يلق الاهتمام الكافي لدى المؤرخين، ولم تسلط عليها الأضواء كما يجب. وبحث الموضوع مهم جداً، ولا سيما لفهم القضية الكردية المعاصرة والتطورات الجيوسياسية في الوقت الحاضر، ودور الأكراد في منطقة الشرقين الأدنى والأوسط.
إن بحث التاريخ الإسلامي وتاريخ المنطقة بصورة عامة، والدراسة الدقيقة لمصادر الشعوب المجاورة للجنس الكردي بصورة خاصة -كما قيل- يدلان دون شك، على أن المعلومات الأولية والأساسية تكمن في المصادر العربية-الإسلامية. إن دراسة هذه المصادر تشهد في الوقت نفسه على مدى اهتمام المؤلفين العرب بالموضوع، وجهودهم الحثيثة والمتواصلة لبحثه، فأصبحت المصادر الأساسية لهذا البحث، حيث قمنا بتقسيم فصوله بحسب المعلومات والآراء الواردة فيها، ولذا يجب القول أن البحث بهذا الشكل والمحتوى يعد أول تجربة في علم الاستشراق الذي يضم جميع الفرضيات التي طرحت حول أصل الأكراد والتي لقيت انتشاراً واسعاً في الواقع العربي الإسلامي.
ويعد البحث ثمرة دراساتنا العلمية خلال العمل سنوات طويلة في معهد الدراسات الشرقية لدى أكاديمية علوم أرمينا وقسم الدراسات الشرقية التابع لمعهد الاستشراق لدى أكاديمية علوم الاتحاد السوفيتي. ويتضمن استنتاجات علمية مبنية على أساس تلك المعلومات المستقاة من المصادر العربية، ودراسة المراجع المختلفة باللغات العربية والأجنبية. ومن أجل مناقشة موضوعات البحث وتحليلها لجأنا إلى البحث في مئات المدونات الضخمة للمفكرين العرب في العصور الإسلامية، ودراسة كتب التاريخ والأدب العربيين، واستعنا لهذا الغاية بالمؤلفات المتوافرة في دور المخطوطات ومكتباتها في ريفان وموسكو ولينينجراد (سانت بطرسبرج حالياً).