كيف ترسم شخصية طفلك؟ “غرس القيم عند الأطفال”

نبذة عن كتاب كيف ترسم شخصية طفلك؟ “غرس القيم عند الأطفال”

وصلت النماذج، ووضعت أمام الخبير الفني وبدأ يقلب فيها ويتأمل وهو لا ينبس ببنت شفه. الدكتور محي الدين يضغط على أضراسه من القلق ينتظر إجابة الخبير، والذي جلس بهدوء يتأمل في النماذج ويقارنها ببعضها البعض، ويكتب في ورقة بيضاء أوجه الشبه والإختلاف. وبعد طول انتظار نطق الحجر وتكلم الخبير بكلمة واحدة، نزلت على مسمع الدكتور محي الدين كالصاعقة؛ قال له: أين دليل الإجراءات يا دكتور؟ اضطرب الدكتور محي الدين وهو يقول: إجراءات… ماذا تعني؟ قال الخبير: أعني أين الدليل الذي يعتمد عليه هؤلاء العمال في صناعة هذه الدمي والعرائس؟ تصبب العرق على وجه الدكتور ثم قال: أنا أثق في عمالي، إنهم يصنعون أفضل ما عندهم. ابتسم الخبير وقال: الثقة وحدها لا تكفي يا سيادة الدكتور، لابد أن يعرف هؤلاء العمال خطوات صناعة الدمية، لابد أن يكون هناك دليل واحد يرسم لهم جميعاً معالم النموذج الذي يصنعونه، لقد رأيت في هذه الدمي الكثير من المتناقضات التي تدل على غياب النموذج الموحد، رأيت فيها الطويل والقصير، والسمين والنحيل، ورأيت من يصدر صوتاً ومن لم يصدر صوتاً. رأيت عرائس شعرها طويل وأخرى شعرها قصير، رأيت عرائس ملونة العينين وأخرى ليست كذلك، إن هذا كله يدل على أن العمال في مصنعك يا دكتور لايملكون دليلاً للإجراءات، لا يملكون الدليل الذي يشرح لهم كيف تصنع هذه العرائس. ونتيجة غياب هذا الدليل لم يقدم مصنعك منتجاً متميزاً؛ لأن جودة المنتج خاضعة لمجهود العامل وأمانته وهذا وحده لا يكفي، استمع الدكتور محي الدين إلى الخبير الفني بإنصات، ثم قال له بامتنان: شكراً لك أيها الخبير، لقد أهديت لنا طوق النجاة، الآن عرفت ما هي مهمة المرحلة القادمة في مصنع الأمل لدمي الأطفال. قال الخبير في ترقب: ما هي يا دكتور؟ أجاب الدكتور: رحلة البحث عن الدليل! نعم، إنها رحلة التخيل للنموذج المنشود. وبعد خروج الخبير من المكتب؛ بدأ الدكتور محي الدين فوراً في العمل وأخرج من مكتبه ورقة بيضاء وبدأ يرسم ويرسم ويرسم، وعندما انتهى من رسمه ابتسم ابتسامة عريضة وأمسك بالورقة التي لم تعد بيضاء، أمسكها بيديه ورفعها عالياً، وصرخ بأعلى صوته: (هذا هو النموذج، هذا هو الدليل!)، حتى كاد صوته أن يصل إلى كل من في المصنع، والذي بدت جدرانه وكأنها ترتقب طفرة كبيرة ستحدث في مصنع الأمل لدمي الأطفال. كانت هذه هي النتيجة في مصنع يصنع الدمي والعرائس، كان العمال فيه يتعاملون مع مواد خام مكونة من القماش والبلاستيك، ومع آلات حديدية لا تشعر ولا تتكلم ولا تتألم، لقد آن الأوان لترك التربية العفوية والبدء في التربية الحقيقية، وهي التربية بالأهداف وفق رؤية واضحة وخطوات ثابتة ونموذج كامل.