نبذة عن كتاب دور حلف شمال الأطلسي بعد انتهاء الحرب الباردة
يحاول هذا البحث إثبات فرضيتين أساسيتين، أولهما حتمية الدور الطليعي للناتو في بناء الأمن والاستقرار عبر جانبي الأطلسي، وعدم وجود مؤسسة غربية تستطيع منافسته في ذلك، وثانيتهما أن نجاح الحلف في مهمته الأمنية الأطلسية سيكون مقدمة لتحويل إلى قوة سياسية وعسكرية كبرى متحكمة في مجريات السياسة الدولية فارضة شروطها عليها.
ولإثبات هاتين الفرضيتين قسم البحث من الناحية الهيكلية إلى أربعة فصول يحتوي كل منها على ثلاثة مباحث: في الفصل التمهيدي الأول: تم تكوين إطار نظري عام للبحث، يتمثل هذا الإطار في التأكيد النظري على وحدانية النظام الدولي الراهن، وأن الناتو سيكون له دور متميز في جميع شروط وضوابط وآليات عمله المعروفة، كالهيمنة وتوازن القوى والمصالح والتنافس والتكامل الاقتصادي. وفي الفصلين الثاني والثالث تم إثبات الفرضية الأولى، لذلك تضمن الفصل الثاني ثلاثة مباحث تبين مدى الحاجة الملحة إلى وجود الناتو لضمان الأمن عبر جانبي الأطلسي، وقد خصص المبحث الأول لدراسة نشأة وتطور الحلف الأطلسي، وفي المبحث الثاني تم تناول علاقة الحلف بالبيئة الأوروبية الجدية المتولدة من انتهاء الحرب الباردة، وفي المبحث الثالث تم معالجة نظرة القوى الكبرى ومواقفها منه.
أما الفصل الثالث فتضمن البحث في استراتيجية الحلف الجدية لبناء الأمن والاستقرار عبر جانبى الأطلسي خلال مشروع التوسع نحو الشرق، وانعكاساته على عقيدة الحلف العسكرية في المبحث الأول، وعلى هيكليته ووظائفه في المبحث الثاني، ثم قدرة هذه الإستراتيجية على التعامل مع القضايا التي يمكن أن تعوق هذا المشروع في المبحث الثالث.
أما الفصل الرابع فخصص في إطار التحليل العلمي المستقبلي للفرصة الثانية، لذلك جاء على شكل ثلاثة سيناريوهات محتملة تناولتها ثلاثة مباحث فتطرق الأول إلى عوامل الضعف الداخلية والخارجية التي يمكن أن تحول دون نجاح الحلف في تحقيق مهمته الأطلسية والعالمية. أما الثاني فجاء لمعزلة الجسر الذي يمكن للناتو أن يتجاوز من خلاله تداعيات سيناريو الأول، ثم تطرق المبحث الثالث غلى العوامل التي يمكن أن تحوّل الحلف إلى قوة سياسية وعسكرية كبرى في العلاقات الدولية، وأثر ذلك على العالم العربي، والخيارات المطروحة أمام العرب لمواجهة هذه القوة غلى تمثل أصعب تحد لهم في القرن الحادي والعشرين.
أما بشأن منهجية الدراسة، فتقوم الفصول الثلاثة الأولى على المنهج التاريخي الذي يقوم على مقارنة بين أحداث ووقائع حصلت في الماضي وأخرى مماثلة حصلت في الحاضر، وعلى استخدام نتائج المقارنة لأغراض التحليل والاستنتاج، كما اعتمد في هذه الفصول أيضاً على منهج التحليل المقارن في حين استند الفصل الرابع إلى المنهج الوظيفي باعتباره خصص فرضياته لدراسة واقع المؤسسات السياسية ومستقبلها سواء داخل إطار النظام السياسي للدولة أو في إطار النظام الدولي.دفعت نهاية الحرب الباردة أنصار المنهج الواقعي إلى الافتراض بأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سوف ينتهي كما انتهى حلف وارسو المضاد، لكن ذلك الافتراض لم تثبت صحته؛ فحلف الناتو بقي وتجددت هويته وتوسعت هياكله السياسية والعسكرية، وتعددت وظائفه ومهامه ضمن استراتيجية جديدة.
توصل هذا الكتاب إلى عدة نتائج متعلقة بالدور العالمي للناتو؛ أهمها أن البيئة الأوروبية-الأطلسية أصبحت أكثر حاجة للحلف واستجابة لمطالبه، ففي سنوات الحرب الباردة اقتصر دور الحلف على الدفاع الجماعي ضد الخطر الشيوعي، في حين بات دوره حالياً يشمل الدفاع والأمن الأوروبي-الأطلسي وإدارة واحتواء الأزمات الداخلية والخارجية التي تهدده؛ مما تطلب إجراء تعديلات في هياكله السياسية والعسكرية، وعقيدته، وطريقة استخدامه للقوة بشكلها التقليدي والنووي.
كما خلص الكتاب إلى أن القرن الحادي والعشرين لن يكون قرن الدول القومية، وإنما قرن المؤسسات العسكرية والسياسية الكبرى مثل الناتو. وقد أثبتت بعض الأحداث المهمة مؤخراً صحة هذا الافتراض؛ فالدور الطبيعي الذي قام به الناتو في حسم أزمة كوسوفاء ثم مشاركته المتوقعة في حملة مكافحة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، تعد أدلة على ذلك، وبخاصة أن الحلف جعل من مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية أحد أهم مهامه خارج مسارح عملياته التقليدية، ومن ثم فهو مرشح فعلاً للتحول إلى أكبر قوة سياسية-عسكرية في الساحة الدولية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.