حصار الزمن الحاضر “مفكرون”

نبذة عن كتاب حصار الزمن الحاضر “مفكرون”

إن أسباب توقف الحضارة الإسلامية عن النهوض من جديد هو حصارها في الزمن بين الماضي والحاضر والمستقبل. فالماضي ما زال حاضرا فيها يشدها إليه بالرغم من نشأته في عصر الانتصار وهى تعيش في عصر الانكسار. وكلما زاد عجزها فى الحاضر اشتد تقليدها للماضي. وكلما زاد التغريب فيها وانبهارها بالآخر والخروج عن مسارها لجأت إلى الماضي ليحميها من المستقبل المجهول الذى لم تشارك في صنعه وتكتفي بنقله. والمستقبل ما زال يشدها إليه . تنبهر بانجازاته وتريد اللحاق به . نموذجه الغرب والحداثة والعصر. أغرى النخبة المثقفة فنشأ الخلف بين ثقافة النخبة وثقافة الجماهيرووقع الشقاق في الثقافة الوطنية في ثنائيات جديدة مثل العلمانية والسلفية. ويشيد الصراع بينهما إلى حد الاقتتال بالسلاح كما هو الحال في الجزائر، وضحايا مائة ألف شهيد .. والحاضر يهرب الناس منه إلى الماضي البعيد ، عصر الخلافة الراشدة أو إلى المستقبل القريب التنوير والعقلانية كما يهرب الناس منه إلى الداخل تحت الأرض في الحركات السرية أو الخارج فوق الأرض، أرض الله الواسعة في الهجرة البعيدة دون عودة وفتح وقد يسيطر على الحاضر الخطاب السياسي الإعلامي للنظام السياسيى القائم الذى يعمي أكثر مما يكشف ويستر أكثر مما يبين وتصعب الإجابة عن سؤال فى أى لحظة من التاريخ نحن نعيش؟ أحد عوامل النهضة فك حصار الزمن والتخفف من ثقل الماضي الحاضر. هم رجال ونحن رجال ، نتعلم منهم ولا نقتدي بهم وايمان المقلد لا يجوز والتقليد ليس أصلا من أصول الدين. ولا مصدر للعلم بإجماع فرق الأمة. ولكل عصر اجتهاداته وتراثه وابداعاته. والإجماع السابق لا يلزم الإجماع اللأحق نظرا لتغير الظروف والأحوال وتبدين المصالح. لذلك يظهر على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها. والاجتهاد مصدر من مصادر التشريع. ويفك حصار الزمن والقفز فوق المراحل وتقليد حداثة الغير، ووضع الأنا في مسار غيرها. فلم نصل بعد إلى مرحلة الحداثة كى ننقل إلى ما بعد الحداثة . ولم نتمثل بعد العقل كى نودعه أو العلم كى نقضي عليه أو المنهج كي نبدده أو الحضارة كى ننعيها. ويفك حصار الحاضر بتشخيص طبيعة المرحلة والقيام بدور هذا الجيل تماما لا دور جيل مضى أو دور جيل آت. وبالتالي الحاضر من غياب إلى حضور ومن هروب إلى التزام ومن عجز عن التفاعل معه إلى قدرة على تنظيرة مباشرا ومعرفة مكوناته ، معوقاته ومقوماته، عوامل تاخره وتقدمه. فإذا خرج الإنسان العربي من حصار الزمن فإنه يعود من جديد صانعا للتاريخ.