حرية الفكر في الإسلام

نبذة عن كتاب حرية الفكر في الإسلام

إن هذا الكتاب للعالم المرحوم عبد المتعال الصعيدي، هو نموذج للفكر الإسلامي الصحيح الذي يستهدف الحرية بمعناها الحقيقي لأن التضييق على الناس في باب الحرية الفكرية لا يتفق وصحيح الدين، لأن التعسف في باب الحرية هو صناعة بشرية خالصة لا علاقة لها بالدين، والإسلام لم يغلق قط باب الاجتهاد على الناس، والمجتهد لا إثم عليه فيما اجتهد فيه ولو أخطأ طريق الصواب.
وليس في الإسلام ما يجوز قتل أي فرد أو جماعة اجتهدت، حتى ولو أخطأت في اجتهادها. المؤلف وهو واحد من علماء الإسلام الكبار يري أن المجتهد لا يعذر في خطئه، حتى إذا مضى إلى أخرها ما يتصوره العقل في حدود اجتهاده.
لقد راح المؤلف وقد تملك كل مصادر التشريع يطرق قضايا رآها بديهية فاستقر ضميره إليها بينما رأيناها في مجتماتنا النعاصرة خلافاً وصراعاً استبحنا من أجلها رقاب البشر، ورحنا نفتش في ضمائرهم اعتقاداً منا بأننا ندافع عن الإسلام.
فاختزلنا الإسلام في نماذج منفرة أصابت الإسلام ونالت من قيمة الإنسانية السمحة، حتى وسائل العلم الحديث أخضعناها الضيقة وأضفينا على الإسلام رؤيتنا الضيقة بينما العلوم المعاصرة لا سلطان فيها إلا للعقل.
لقد ذهب المؤلف في اجتهاد لدرجة قوله بأن العلم يطلب على إطلاقه، دون تحديد الغاية منه، فلا يقتصر طلبه على أن يكون لأجل الوصول إلى الإيمان بالله فقط، بل يطلب لكل الغايات بما يحقق سعادة الناس في الدنيا والآخرة إعمالاً لقاعدة فقهية ششهيرة: “يكمن شرع الله حيث تكمن مصلحة المسلمين”.
لم يترك المؤلف قضية من قضايا المعاصرة إلا وتطرق إليها بحثاً وتحقيقاً ووعياً فالأمة مصدر كل السلطات وما يترتب على ذلك من اتشساع في حقوق الأمة ورقابتها وفق القواعد والإجراءات التي يرتضيها المجتمع.
ولم يغفل الإسلام حقوق الأقلية المعترضة الرافضة لسياسات الأغلبية، بل لهم كل الحقوق والتي كفلها الإسلام للأغلبية، لأن الإسلام يستهدف الإنسان الفرد والجماعة معاً بصرف النظر عن موقعهم الاجتماعية والسياسية.
لقد كان عالمنا الشيخ عبد المتعال الصعيدي واحدا من مدرسة كبيرة شعارها العقل ووسيلتها التفكير وهدفها المصلحة بالمعنى الذي استهدفه الإسلام.