حرب الثلاثين سنة ” ملفات السويس “

نبذة عن كتاب حرب الثلاثين سنة ” ملفات السويس “

إن الحروب الثلاث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط: حرب السويس 1956، حرب يونيو سنة 1967، ثم حرب أكتوبر/تشرين الثاني سنة 1973 كما يراها هيكل هي في حقيقة أمرها حرب واحدة مستمدة في الصراع على الشرق الأوسط وفيه. ولم تكن الحروب الثلاث غير البؤر الساخنة الملتهبة في هذه الحرب المستمدة التي امتدت ثلاثين سنة. فكانت السويس قمة صراع بدأ قبلها بسنوات طويلة ثم استمر بعدها وتصاعد حتى قمة 1967، ولم يتوقف تصاعده حتى جاءت سنة 1973، وبعدها بسنوات بدا أن مرحلة بكاملها في الشرق الأوسط قد وصلت إلى نهايتها، وأوشك الستار أن ينزل عليها ليرتفع على مرحلة جديدة لا أحد يعرف حتى وأين وكيف بدايتها. ولهذا بدأ هيكل في هذا الكتاب بتناول قصة السويس، ذروة أولى من ذرى حرب طويلة محتدة خاضتها أمة بأسرها وليس رجلاً واحداً حتى إذا كان التاريخ قد وضع عليه مسؤولة قيادتها.
وربما ومن هذا المنطق فإن القارئ سوف يلاحظ ما يلي: أولاً: أن هناك سياقاً عاماً يصل ما بين الحوادث والتطورات وما بين المطامع والمطامع، فالسويس لا تقف في مجرى التاريخ وحيدة فريدة وإنما هي جزء من كل، حلقة في سلسلة، معركة في حرب، ثانياً: تركيز هيكل في مجرى الكتاب كله على خط الصراع دون الابتعاد عنه إلا عند الضرورة. فالصراع على الشرق الأوسط هو القصة الأساسية لهذا الكتاب، فهو ليس قصة “جمال عبد الناصر” ولا قصة ثورة 23 يوليو/ تموز ولا حتى قصة تأميم شركة قناة السويس، دائماً الكتاب هو قصة الصراع في تلك الحقبة، وحتى بلغ ذروته العالية في حرب سنة 1956، ثالثاً: عدم توسع هيكل في سردياته في الجوانب العسكرية البحتة لذرى الصراع وذلك لأن الجانب العسكري في الحروب هو أبسطها وأهونها. رابعاً: تركيزه كثيراً على أصول القضايا وجذورها عن اعتقاد بأنها إذا عرفنا القواعد فقد سهل التطبيق، وإذا توصلنا إلى القوانين فقد سهلت الأحكام، لذا فقد خصص الباب الأول من هذا الكتاب، وهو من ستة فصول لحديث ما قبل ثروة 235 يوليوتموز 1952. خامساً: إن هيكل على طول الكتاب كله تباعد مرات عن الحديث تاركاً الحديث للوثائق لتحكي ما عندهما، مضيفاً في نهاية الكتاب ملحقاً خاصاً ضم الكثير من هذه الوثائق.لا أعرف اهو تحيز رجل لما ألف وعرف ، أو أنه حكم في الموضوع بصرف النظر عن متغيرات العصور.
لكني على شبه اقتناع بأن الكتاب المطبوع على ورق له العمر الطويل ، وأنه الحاضر على الدوام مهما اشتد من حوله الزحام.
بمعنى ان الكلمة المكتوبة على الورق باقية، والكلمة المسموعة على الإذاعة والتليفزيون عابرة، والكلمة المكهربة على الكمبيوتر فوارة، وهى مثل كل فوران متلاشية.
أى ان الكلمة المكتوبة على الورق بناء صلب: حجر أو معدن، وهكذا كل بناء، وأما غيرها فهو صيحة متغيرة – خاطفة، ولامعة، وبارقه.
وبالنسبة لكاتب- على الورق وبالحبر – فإن كتابته هى بناء عمره، وهكذا فإن هذه المجموعة في نهاية المطاف: عمر من الكتب!