تعاظم دور حلف الناتو في الشرق الأوسط ‘الكبير’

نبذة عن كتاب تعاظم دور حلف الناتو في الشرق الأوسط ‘الكبير’

قبل عشر سنوات مضت، ما كانت فكرة كتابة بحث ذي شأن عن دور حلف الناتو فيما عرف بمنطقة “الشرق الأوسط الكبير” لتحظى بالقبول من أحد، فقد كان الحلف وقتئذ منشغلاً بما يجري في جنوب شرق أوربا وفي جنوب شرق آسيا، فيما كان الغموض يكتنف مستقبل الحلف نفسه. وفي آب/أغسطس 1995، وبعد أربع سنوات من التردد والنقاشات التي أثارتها مسألة توسيع نطاق عمليات ما كان يعد تخالفاً ودفاعياً محضاً، أقدم الناتو ولأول مرة على التدخل عسكرياً في البوسنة. يد أن عملية التدخل هذه ما كانت لتقع لولا تيقن الجميع من إخفاق منظمات دولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذا المجال، وأن هذه العملية لن تتخذ سابقة لتحرك مماثل في الشرق الأوسط أو آسيا. ولعل قلة قليلة فقط كانت ستتخيل في تلك اللحظة بعينها أن الحلف، بعد عقد من الزمن، سينشر ما يزيد على عشرة آلاف جندي في أفغانستان، أو أنه سيتولى تدريب قوات عسكرية عراقية، أو أنه سيوسع دائرة تعاونه مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية على المستويين السياسي والعسكري.
ومع ذلك، فهذه تماماً هي الحال اليوم بعد أن استطاع هذا الحلف الذي كان فيما مضى منظمة محض “شمال أطلسية” أن يحقق ما يأتي خلال بضع سنوات مضت: وضع المادة الخامسة موضع التطبيق لأول مرة إثر وقوع هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية. نشر قوة تضم قرابة 9 آلاف جندي في مهمة لحفظ السلام في شمال أفغانستان، مع التعهد بتوسيع نطاقها جغرافياً (باتجاه الجنوب) وكمياً (بإضافة 6 آلاف جندي آخرين). إطلاق عملية تدريبية يسهم فيها جميع الدول الأعضاء الست والعشرين لتدريب القوات العراقية، بكلفة تصل إلى 9 ملايين يورو. بناء قوة للرد السريع من 20 ألف جندي تقريباً، وتوفير معدات يمكن تجميعها خلال فترة وجيزة ونشرها في أي مكان في العالم. نشر هذه القوة في إطار عملية إغاثة في المناطق التي ضربتها هزة أرضية في باكستان. إنشاء جسر جوي لإيصال قوات عسكرية تابعة للاتحاد الأفريقي للمشاركة في قوة حفظ السلام في السودان. إطلاق “مبادرة إسطنبول للتعاون” بغية تمتين العلاقات السياسية والعسكرية مع أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية. توسيع نطاق “الحوار المتوسطي” لتسهيل إجراء حوارات سياسية مع بلدان شرق أوسطية، ومنها مصر. توسيع إطار النقاشات السياسية داخل مجلس شمال الأطلسي لتشمل عروضاً موجزة لسلسلة من القضايا الشرق أوسطية والدولية. تشكيل فريق للرد على التهديدات الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، بغية المساهمة في معالجة حالات الطوارئ المحتملة ذات الصلة بأسلحة التدمير الشامل.
تنامي دور الناتو في الشرق الأوسط ومهامه والتحديات التي تواجهه، وهو ما تناقشه هذه المحاضرة من سلسلة محاضرات الإمارات، حيث تحلل الواقع وتعطي الاستنتاجات.