تجربة السجن في الشعر الأندلسي

نبذة عن كتاب تجربة السجن في الشعر الأندلسي

انتشرت الشجون على امتداد رقعة الدولة الإسلامية،ـ للحاجة إليها لتنفيذ العقوبات التي يستحقها بعض الأفراد أو الجماعات المخالفة الخارجة على النظام العام للدولة فضمت المدن الإسلامية سجوناً مختلفة أجل ذلك، والسجن في الإسلام-نظرياً-لا ينبغي أن يكون على حال سيئ من البناء والتنظيم، لأن الهدف منه تعويق الشخص ومعاقبته وليس تعذيبه أو الانتقام منه.
وقد بين بعض علماء المسلمين أن السجن يجب أن يصنف فيه المحبوسون كل حسب جريمته التي ارتكبها، وأن ينظم الإشراف عليه من ناحية رعاية الشؤون الدينية بتوليه إمام يصلي بالمساجين، فضلاً عن ضرورة تنظيم أرزاق السجن وأعطيات الموظفين فيه، حيث كانت محنة قد جرت على محمد بن أحمد الغافقي من أعيان الأندلس، إذ قبض عليه وعلى والده. فأودعا مطبق أرباب الجرائم.
في هذا الإطار جاء هذا الكتاب ليتناول نوعية مخصصة من السجون وهو السجن الأندلسي في محاولة للكشف عن بعض جوانب السجن بشكل عام، وصدى تجربته لدى الشعراء الأندلسيين الذين تعرضوا لها (بغض النظر عن أماكن سجنهم)، عن طريق أشعارهم التي نظموها في أثناء تلك المحنة، وأودعوها ما يعتمل في صدورهم من مشاعر وأحاسيس تجاهها، وتجاه الحياة وتقلبات الزمن، حملت اليأس والغضب، وحملت الاستسلام والخضوع، وحملت كثيراً من الاضطراب والتناقض والحيرة.
ونظراً لأن الدراسة تناولت تجربة السجن في الشعر الأندلسي على امتداد عصور المسلمين في الأندلس، دون تحديد لمدة زمنية معينة، وجد المؤلف أنه لا بد له من العمل وفق المنهج التاريخي الوصفي التحليلي ثم تحليلها. أما تقسيمه للدراسة فجاء على ثلاثة فصول تناول كل منها جانباً معين على النحو التالي: الفصل الأول: السجون في الأندلس. الفصل الثاني: موضوعات أشعار السجناء. الفصل الثالث: أساليب الشعراء في وصف تجربة السحن. وضم كل فصل من الفصول السابقة مجموعة من المباحث، تخدم موضوع الفصل وتسهم في تجلية جوانبه.
ونظراً لما في الملاحق من أهمية ألحق المؤلف دراسته بملحقين، خصص الأول منهما لبعض الشعراء السجناء، حيث ضم خلاصة حادثة سجن كل شاعر، من حيث: زمنه، ومكان سجنه، وأسباب هذا السجن، وبعض المصادر التي ترجمت للشاعر. أما الملحق الثاني فضم بعضاً هما عرف من أشعار السجين، المنتزعة من دواوين بعض الشعراء الأندلسيين، أو من المصادر الأدبية والتاريخية المختلفة لبعض الشعراء الذين ليس لهم دواوين شعرية مجمعة.ربما يحلو للقارئ العربي حين تمر ذكرى الأندلس أن يشوق إلى شعرها الندي بالزهور والرياحين، والماء الزلال وسحنة الشرق العربي في الوجوه والعادات والتقاليد، لتمده وتعينه على إطفاء جذوة الحنين إلى الديار وأهلها حين يمر بتجربتها. وما تجربة السجن في الشعر الأندلسي إلا نفحات من زفرات الوجد ولوعة المرارة التي ألّمت بأولئك المبدعين الذين ذاقوا آلام البعد وسعير نار الفرقة عن الأهل والوطن والأحبة، نعدها مرهماً لشفاء النفوس من ألم الغربة عندما نقرأ قصائد هذه التجربة.