تاريخ هيرودوت

نبذة عن كتاب تاريخ هيرودوت

تاريخ هيرودوت هو تاريخ يفيد بأن صاحبه كان واسع الأسفار، وعرف الكثير من الأصقاع التي تحيط بالبحر الأبيض المتوسط، وحملته رحلاته على التوغل في أنحاء مصر حتى بلغ شلال النيل الأول جنوباً، والبحر الأسود شمالاً ليستقصي آثار السكيت، وجزر البيلوبونيز، وجنوب ايطاليا. كذلك تعرف إلى معابد الفينيقيين والمعالم البارزة في فلسطين. وزار موقعاً دارت فيه إحدى المعارك الكبرى في منطقة دلتا النيل، كما زار سهل تسالية، كذلك يستدل من “التاريخ” أنه زار بابل في الشرق وكيدنية برقة (ليبيا) في الغرب، وتفقد المعابد في طيبة، وشاهد ما حوته المعابد في دلفي من الكنوز والتحف المنذورة. ويطلع القارئ عنده، أيضاًً، على وصف الأصقاع من أثينا وجزر الإغريق وآسيا الصغرى، وجنوب ايطاليا، مما هو شاهد على معرفة دقيقة لجغرافية تلك البلدان، ولا ريب في أن الرجل كان على قدر عظيم من الحيوية والنشاط حتى أمكن له أن يقوم بهذه الأسفار، وأنه على جانباً من الثراء، كذلك، فأمكن له أم ينفق على رحلاته مصاريف باهظة التكاليف، وإن اختلفت وسائل النقل ليأتي لنا بهذا “التاريخ”. وكان هيرودوت يروي “التاريخ” كما يروي الراوي حكاياته لجمهور يجهل القراءة، ولا وسيلة لديه للمعرفة سوى سماع الروايات أو مشاهدتها تمثل أمامه في المناسبات أو الاحتفالات الدينية. ويجد القارئ بين يديه في هذا الكتاب، الترجمة الكاملة لكتاب هيرودوت هذا “التواريخ” أو “الاستقصاء”. وقد آثر المترجم تقديمه بالعنوان الذي عرف به في كتب المؤرخين “تاريخ هيرودوت” منقولا عن الترجمة الإنكليزية التي أنجزها رولنسون بطبعتها المنقحة الصادرة 1936. وقد وقع اختيار المترجم عبد الإله الملاح على تلك الترجمة لما تتمتع به من الدقة ووضوح العبارة واقتراب النص من ذوق القارئ المعاصر. ويعد الكتاب نقطة مضيئة في مسيرة الثقافة الإنسانية، وهو بما يحويه من استقصاء وغزارة عن أهم الشعوب التي عاصرها وسمع بها، ينبئنا أنه ثمرة جهود حثيثة من التأليف التاريخي قد انقرضت مقدماتها، ولم يبق منها إلا هذا السفر العظيم الذي يقدمه المجمع الثقافي إلى القراء. باكورة منه في محاولة تقديم أهم المؤلفات التاريخية الكلاسيكية.