نبذة عن كتاب اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
كان الفيلسوف العلامة غوستاف لوبون قد وضع كتابه الجليل «حضارة العرب» في سنة 1884 ووضع كتابه الجليل الآخر «حضارات الهند» في سنة 1887، ونقلنا هذين السفرين إلى العربية فأصبحت ترجمتها لدى القراء.
ومما حدث في سنة 1889 أن أخرج العلامة لوبون كتابًا ضخمًا ثالثًا سماه «الحضارات الأولى»، ولم يكن هذا السفر في درجة سابقيه أهمية، وكنا ننقله إلى العربية، مع ذلك، لو لم يكن معظمه خاصًا بقدماء المصريين والكلدانيين والآشوريين، فقد قلبت أعمال الحفر في مصر والعراق معارفنا في حضارات تلك الأمم رأسًا على عقب فأصبح ما في كتاب «الحضارات الأولى» من المعارف عنها محتاجاً إلى إعادة نظر وتجديد وتأليف كي يتساوى هو وما انتهى إلينا من حضارات تلك الأمم بعد وضعه.
بيد أن كتاب «الحضارات الأولى» ذلك يشتمل على جزء صغير بالغ الخطورة خاص باليهود، ففي هذا الجزء تحرر العلامة لوبون من نير التقاليد الموروثة في الغرب، كما تحرر في غيره من كتبه، فانتهى إلى نتائج مهمة إلى الغاية.
انتهى إلى أن «لم يكن لليهود فنون ولا علوم ولا صناعة ولا أي شيء تقوم به حضارة، واليهود لم يأتو قط بأية مساعدة مهما صغرت في شيد المعارف البشرية، واليهود لم يجاوزوا قط مرحلة الأمم شبه المتوحشة التي ليس لها تاريخ».
تلك هي حال الشعب اليهودي الذي كان له بعض السلطان في فلسطين حينًا من الزمن فأجلاه الرومان عنها فتفرق في الأرض فلم يقتبس من الأمم عاش شتيتًا بينها غير أخس عيوبها، شأن أجداده كما يثبت ذلك سلوكه الوحشي الأخير في فلسطين، ولا نبحث هنا العوامل التي حفزت إنكلترا إلى شد أزره وتوطيد دعائمه في بلد عربي لم يكن ملكًا لليهود، ولا في المظالم التي اقترفها الإنكليز وغيرهم من الأوربيين والأمريكيين مدة ثلاثين سنة ولا يزالون يقترفونها إمعانًا في اضطهاد العرب وتثبيتًا لأقدام اليهود في سورية الجنوبية «فلسطين» ممثلين في أهلها العرب مأساة أندلسية أخرى، لأن ذلك يخرجني من نطاق الكتاب، ولعل القراء يجدون في هذا الكتاب ما يدحض به زعم اليهود الزائف القائل إن فلسطين حق تاريخي لهم والمشتمل على أعظم دجل بشري وأفظع تضليل سياسي.
وهنا نذكر أن في الكتاب أمورًا لا تلائم بعض المعتقدات ولا نوافق لوبون عليها، ولكن هذه الأمور ليست في صميم الموضوع، وهي على العموم من قبيل الاستطراد البعيد من هدف الكتاب الأصلي القائم بوجه خاص على بيان عطل اليهود من نصيب تاريخ الحضارة، وعلى ما في اليهود من المساوئ العرقية التي قلما يوصم بمثلها قوم، وعلى أن اليهود شعب غير صالح طرأ على فلسطين التي لم تكن لها بلدًا أساسيًا قط.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.