نبذة عن كتاب النزعة التعليمية في فن المسرح
ما قصدت أن أكتب تاريخًا، أو أقوم بإعادة وتكرار البحث في الأنواع المسرحية.
ولكن الحقيقة الواضحة بالنسبة لي على الأقل تبدو في كلمات الناقد والفيلسوف (فرنسيس فرجسون) ثم يقول: “إن دارس التاريخ، ودارس الأفكار ودارس الأشكال الاجتماعية والسياسية ليرجعون إلى الدراما التماسًا للدليل الواقعي، والتماسًا للفهم”. وأنا بصفة شخصية أحبو كي ألتمس الدليل لأصل إلى الفهم لعلي أصل في يوم ما…
فإذا كان من المسلم به أن قدرة المسرح أن يلقن الشعب وطلاب العلم ما تلقنه المعاهد والجامعات، وإذا كان من المقطوع به أن أثر المسرح في تنمية الوعي وتطوير الملكات لا يقل بأي حال عن أثر المدرسة والجامعة.
وخاصة أن المسرح عند اليونان القدماء، وعند أوروبا القديمة والحديثة هو تاريخ حضارة اليونان والغرب، وذلك التاريخ الحافل بثقافات وفلسفات وأفكار لا تصور تطور العقل البشري فحسب وإنما تقدم لنا إلى جانب ذلك أرقى النماذج التي وصل إليها الإنسان في هذا الفن الجديد علينا.
وإذا أتيحت الفرصة وتهيأت لنا الإمكانات أن نطلع أبناءنا وطلابنا على هذا التاريخ الحافل من حضارات الإنسانية [ألا نكون بذلك قد حققنا هدفًا جديدًا بتطلعنا وطموحنا في نهضتنا الحديثة؟]
ولعل من سبيل إلى ذلك غير المسرح الذي هو في اعتقادنا العلم الأول؟ فمن فوق خشبته تعلم الناس المعدل والخير والجمال. ومن أفواه ممثلة تعلم الناس الثورة على الظلم، وعرفوا كيف يطورون نفوسهم ومجتمعاتهم، ويقودونها نحو غد مشرق.
وذلك لأننا ندرك أن الثقافة الحية [للمسرح] مثلًا هي هذا النوع الذي ينبثق أولًا من حياة الفرد الواحد، وحياة الجماعة التي هي واحد منها، وحياة العالم الذي نعيش فيه…تلك الثقافة التي تفتح أعيننا على إمكانيات جديدة، ولكنها في الوقت ذاته تكسب حياتنا عمقًا واكتمالًا. إنها ثقافة تربط المعرفة بالأحداث الجارية معتمدة على مبادئ وقيم مرتبطة بماضينا وحاضرنا. وهذه الوحدة الأساسية بين الثقافة والمعرفة هي التي تخرجنا إلى نطاق الحياة وما يجري فيها.
لذلك كانت الثقافة المسرحية هي التي تساعد على تمكين كل فرد من أن يعيش حياة نافعة ولغيره مستعينًا بما يحقق له هذا الهدف من أنواع الدراسات كالعلوم والفنون والفلسفة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.