نبذة عن كتاب المدنية الاسلامية وأثرها في الحضارة الاوروبية
سرعان ما تكشف حقيقة هامة أخذت تزداد وضوحا كلما ازداد البحث عمقاً، هي أن الفكر الإسلامي قام في العصور الوسطي بدور كبير فعال في بناء الحضارة البشرية، وأن هذا الدور البناء لم يقتصر علي مجرد النقل والحفظ، بل تعدي ذلك إلي الابتكار والتجديد والاكتشاف، والانتقال بالحضارة البشرية من درجة إلي درجة أخري أسمي بكثير مما كان عليه الحال من قبل. ولم يلبث أن أعترف بهذه الحقيقة وأكدها عدد كبير من رجال الفكر والعلم في الغرب، فنادوا بأن فضل العرب علي الغرب أعظم من أن ينكر.
ليس الغرض من هذا الكتاب علاج المدنية الإسلامية ومظاهرها، إذ أن هذا موضوع عالجه الكثيرون في موسوعات ضخمة وأعطوه حقه من الدراسة والبحث. وحسبنا ما كتبه بعض المستشرقين مثل آدم ميتز في “الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري”، وجوستاف لوبون في “حضارة العرب”، وجروينباوم في “حضارة الإسلام” وغيرها من المؤلفات التي ترجم كثير منها إلي العربية. ولكن الغرض من هذا الكتاب هو بيان الأثر الذي تركته المدينة الإسلامية في الحضارة الغربية، وفي حدود هذا الطريق فقط حصرت كلامي محاولا بقدر الاستطلاعة أن أوضح المؤثرات المختلفة التي تركها المسلمون في حضارة الغرب، والتي أفاد الغربيون ومازالوا يفيدون منها، دون استطراد إلي الكلام عن المدينة الإسلامية بوجه عام
وأرجو أن أكون قد وفقت في هذا البحث الموجز إلي الكشف عن حقائق الموضوع عن طريق علمي سليم وإلي إظهار بعض مآثر أجدادنا الأوائل وفضلهم علي الحضارة والإنسانية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.