نبذة عن كتاب العلمانية في الفكر العربي والإسلامي المعاصر
ظهرت العلمانية في أوروبا نهاية العصور الوسطى، كدعوة لتقليص الأدوار والسلطات الواسعة التي مارسها رجال الدين على الفرد والمجتمع والدولة طوال فترة العصور الوسطى في أوروبا، والتي سميت بالعصور المظلمة؛ نتيجة لما عانته أوروبا في هذه الفترة من تخلف علمي واقتصادي، وحروب بين الدول الأوروبية وبعضها، وتفكك بعض الدول الأوروبية، وقد لعبت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ورجال الدين دورًا رئيسيًا في التخلف العلمي وأسهموا في إشعال الحروب بين الدول الأوروبية وبعضها، كما كرسوا لتفكك بعض الدول الأوروبية، وحققوا ثراءًا شخصيًا عن طريق وظيفتهم الدينية. كل هذه الأسباب دفعت كثير من مفكري أوروبا للدعوة إلى تقليص سلطات رجال الدين اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا؛ لتلافي الآثار السلبية التي نتجت عن تدخلهم في المجالات غير الدينية، كذلك كانت الدعوة إلى العلمانية بمثابة دعوة للتسامح الديني بين المذهبين الكاثوليكي والبروتستانتي في الدين المسيحي.
من هنا يمكن القول أن العلمانية كدعوة لم تكن موجهة بالأساس ضد الدين أو الانتماء الديني، وإنما كانت موجهة ضد سلطات رجال الدين وتدخل رجال الدين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل يسهم في تقسيم المجتمعات ويؤجج الخلافات بين أتباع الديانات والمذاهب المختلفة.
ومفهوم العلمانية هو أحد أهم المفاهيم المحورية في البنية الفكرية للحضارة الغربية التي بنت عليها أوروبا حضارتها الحديثة، وقد انتقل مفهوم العلمانية بالإضافة إلى مفاهيم أوروبية أخرى، مثل: “الديمقراطية”، و”الليبرالية”، و”الحداثة” إلى الحضارة الإسلامية والعربية بنهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر مع تقدم الدول الأوروبية اقتصاديًا وعسكريًا وشنها حروبًا على الدول الأقل تقدمًا، فيما سمي بالحملات الاستعمارية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.