الصليبيون الجدد

نبذة عن كتاب الصليبيون الجدد

في2 ديسمبر1917، أى بعد صدور وعد بلفور بشهر واحد، ألقى الزعيم الصهيوني إسرائيل زانغويل، خطابا، وصف فيه المحاولات البريطانية والأمريكية، الرامية إلي إعادة اليهود إلي أرض فلسطين بقوله؛ “سبع حملات صليبية إلي الأرض المقدس عادت علي اليهود بالذابح، فهل ستؤدي الصليبية الثامنة إلي استرجاع اليهود لفلسطين؟ وإذا كانت صليبية حقة، فإن تلك الحقيقة بالذات تأتي بمثابة البرهان علي النظام الجديد لعالم تسوده المحبة والعدالة”.
يقول وايزمان في كتابه التجربة والخطأ: “للقارئ أن يسأل، ماهي أسباب حماسة الإنجليز لمساعدة اليهود وشدة عطفهم علي آماني اليهود في فلسطين؟ والجواب علي ذلك أن الإنجليز -لاسيما من كان منهم من المدرسة القديمة- هم أشد الناس تأثراً بالتوراة. وتدين الإنجليز هو الذي يساعد في تحقيق آمالنا، لأن الإنجليزي المتدين يؤمن بما جاء في التوراة من وجوب عودة اليهود إلي فلسطين. وقد قدمت الكنيسة الإنجليزية في هذه الناحية أكبر المساعدات”.
أن الفشل الأساسي لكل المخططات العربية التي وضعت لمواجهة إسرائيل منذ وعد بلفور وحتي الآن، يعود في الأساس، إلي عدم قدرة هذه المخططات علي التعرف علي معني وطبيعة العلاقة بين إسرائيل وكل من برطانيا وأمريكيا، وبالتالي لم تستطيع أى من هذه المخططات فهم الأبعاد العميقة لهذه العلاقة، وجعلت التعامل معها منطلقا من فهم سطحى مبتور، بعيداً عن حقانقه الأساسية، مرة بإرجاعه إلي ظروف الحرب الباردة ونفوذ اللوبي الصهيوني، وأخري إلي المطامع الاستعمارية والصوت الانتخابي اليهودي.
إن التاريخ لم يسجل خطأ أبشع من انخداع المسلمين بخطة أعدائهم، بزحزحة قضية فلسطين عن إطارها الإسلامي إلي دوائر ومتاهات الوطنية والقومية والمذهبية وغيرها من الدعاوي، التي فصلت القضية عن قوتها المؤثرة الحاسمة، وتاهت في ضباب كثيف، ساقها إلي النكسات، ثم المساومات، ثم استجداء الصلح الذليل، فقد كان أعداؤنا علي وعي كامل بحقيقة الخطر الإسلامي منذ البداية، وقد علموا ذلك حين لم يستطيعوا التقدم خطوة واحدة تجاه فلسطين في ظل الخلافة الإسلامية رغم ضعفها، لأن القضية كانت في وضعها الصحيح، دينية إسلامية.