نبذة عن كتاب الصداقة والصديق – التوحيدي
ليس غريباً أنْ يكتب أبو حيان التوحيدي (414 – هجرية) كتاباً في الصَّداقة والصِّديق، فكتابة التوحيدي في هذا الموضوع تكشف عن أمرين مهمَّين، أمّا الأمر الأول فيتمثّل في ثقافة التوحيدي الواسعة.
فقد كان الرجل واحداً من كبار المثقّفين في تاريخ الثقافة العربية، وأمَّا الأمر الثاني فيتمثّل فيطبيعة حياته التي عاشها، والتي كانت تنطوي على قَدْر كبير من الفقر والألم والمعاناة.
وإذا كان الامر يتطلَّب قَدْراً من التّفصيل فإنّ من الضروري أنْ يُشار إلى أنَّ الحديث في هذا الموضوع الدِّقيق يتطلّب قَدْراً كبيراً من المعرفة الفلسفية التي كان التوحيدي متضلِّعاً منها، كما يتطلب أسلوباً قادراً على التعبير الدَّقيق عن مسائل هذا الموضوع الذي يجمع بين الوجداني والعقلي فهو “أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء”.
وهنا ينبغي أنْ نشير إلى أنَّ التوحيدي يمثّل الذروة الأخرى بعد الجاحظ في ميدان الكتابة النثرية؛ فكتابته تتَّصف بالجمال والدِّقة وتنطوي على حمولات معرفيّة متنوعة اعتاد التوحيدي أنْ يعبَّر ببلاغة رفيعة عنها.
إذن من الطبيعي أن يؤلِّف التوحيدي في الصداقة والصديق، وهما أمران بقي يفتقدهما طيلة عمره، ومن الطبيعي أنْ تكون كتابته متَّسمه بالصّدق وبشيء من البوح، فالموضوع يكشف عن ثقافة واسعة وبَصَر دقيق وعن كثير من التشاؤم.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.