الجيش الإسرائيلي: الخلفية، الواقع، المستقبل

نبذة عن كتاب الجيش الإسرائيلي: الخلفية، الواقع، المستقبل

يشغل الجيش الإسرائيلي موقعاً مهماً ومميزاً في إسرائيل، لدرجة يصح معها القول إنه الأهم في البنية الاستيطانية للدول العبرية، والتي هي أقرب ما تكون إلى الثكنة العسكرية، حيث إن نحو 20% من سكانها اليهود من مختلف الطبقات والشرائح هم من الجنود أو ممن يمكن وضعهم تحت السلاح، وهناك أعداد أخرى يمكن أن تتحول إلى عسكريين عند الحاجة، وبذلك يصبح العدد الباقي جله من الأطفال وكبار السن، والذين لا تنطبق عليهم شروط التجنيد الإلزامي ولا الاحتياطي. وأهمية الجيش الإسرائيلي ليست في وجوده العددي المميز ولا في توزع عناصره داخل مختلف الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية فحسب، بل إن أهميته تنبع أساساً من دوره، فهذا الجيش كان في الماضي وراء تأسيس دولة إسرائيل، ويقوم الآن بحمايتها وحفظ أمنها، وسيكون دوره في المستقبل الحفاظ عليها وتطويرها في كل المجالات والمستويات، ولعله في التبسيط الشديد القول إنه لا يمكن تخيل وجود إسرائيل من دون جيش قوي وفعال يشكل العمود الفقري في بنية الدولة اليهودية الاستيطانية. إن دور الجيش الإسرائيلي ليس محصوراً في المهام الدفاعية الأمنية على نحو ما تبدو عليه معظم الجيوش في العالم، بل هو متعدد الأدوار ومتنوع المهام، وإذا كانت مهامه تنقسم على صعيدين داخلي وخارجي، فإن تلك المهام تتنوع وتتعدد، إذ تتناول السياسي والإيديولوجي والاقتصادي والعلمي وأيضاً الاجتماعي، مما يضفي عليه المزيد من الأهمية التي يمكن وصفها بالتفرد والتميز، مقارنة بالجيوش الأخرى في دول العالم.
لقد درجت أغلبية الأبحاث والدراسات المتصلة بالجيش الإسرائيلي على تناول موضوعات تعالج قضايا الجيش وتسليمه وقياداته، وهذه جميعاً موضوعات شديدة الأهمية، إلا أنها لا تتصل بروابط وثيقة مع نقطة غاية في الأهمية، وهي المتعلقة بتاريخ نشوء الجيش الإسرائيلي وبتطوره وبدوره، إذ يتم عزل النقطتين الأخيرتين عن سياق الموضوعات المبحوثة عن الجيش الإسرائيلي، فتأتي الدراسات ذات طبيعة راهنة، سرعان ما تتحول إلى دراسات قديمة، ولا سيما أن الجيش الإسرائيلي يتبدل بسرعة كبيرة في تنظيمه وخططه وتسليمه وقياداته، لكن استراتيجيته وإن طرأ عليها بعض تبدلات في مراحل معينة من عمر هذه المؤسسة، فإن ذلك لا ينسف أساس تلك الاستراتيجية التي يتطور الجيش على أساسها. فالأهم في استراتيجية الجيش الإسرائيلي هو دوره، على نحو ما أشير إليه، وتتابع هذه الدراسة دور الجيش الإسرائيلي وتطوره من خلال روابطه مع الاستراتيجية الإسرائيلية عموماً، ومع الاستراتيجية خصوصاً، ولعل ذلك يبدو واضحاً في تقسيمات الدراسة حسب الأقسام التالية: الأول: ويتناول تطور الاستراتيجية العسكرية، باعتبارها التجسيد العملي للاستراتيجية العامة للدولة، ولذلك يتوقف القسم الأول بصورة مكثفة عند المنعطفات الرئيسية لهذه الاستراتيجية العسكرية، والتي تمثلها حروب إسرائيل ضد الدول العربية، مع ملاحظة العوامل المختلفة داخلياً وإقليمياً ودولياً في تأثيرها على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، يمثل القسم الثاني: انتقالاً عملياً من الحديث عن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية إلى أداتها “الجيش الإسرائيلي” متابعاً مراحله، منذ تأسيس التكوينات الصهيونية المسلحة في فلسطين في بدايات القرن إلى ولادة الجيش عام 1948، والظروف التي أحاطت بهذه الولادة، ثم ينتقل هذا القسم إلى البحث في تطور الجيش وفقاً للمراحل المفصلية التي مر بها منذ التأسيس وحتى التسعينيات.
ويقدم القسم عرضاً مكثفاً عن تنظيم الجيش الإسرائيلي وقيادته، قبل أن يتناول واقع القوات المسلحة في الجيش الإسرائيلي، مميزاً بين الأسلحة التقليدية وغير التقليدية في حوزة إسرائيل، والتي صارت جزءاً من قوة الردع الإسرائيلية. أما القسم الثالث من الدراسة فقد خصص لـ”الدور التعددي للجيش الإسرائيلي” وفي هذا محاولة للخروج أبعد من الدور المعروف والشائع للجيش الإسرائيلي والمكثف في مهمة “الأمن والدفاع” إذ يتناول القسم الدور الداخلي أولاً، ومن ثم ينتقل إلى الدور الخارجي، وفي كل واحد منهما تفاصيل ومفاصل، تبرز ما يمثله الجيش الإسرائيلي من أهمية بالنسبة إلى إسرائيل، إلى حلفائها على حد السواء. القسم الرابع والأخير من الدراسة يأخذ بعداً مستقبلياً، حيث يتناول “مستقبل الجيش الإسرائيلي” من خلال نقطتين: الأولى خلفية التطور المستقبلي، وفيها تقديم لجملة الأوضاع المحيطة بالجيش في المستويات الإسرائيلية والإقليمية والدولية، والنقطة الثانية اتجاهات التطور المستقبلي، وهي رؤية استشراقية مكثفة. أما الخاتمة فتمثل جولة من النتائج التي عرضتها الدراسة عبر أقسامها الأربعة. وهي بذلك خلاصة لموضوعات الأقسام السابقة.