نبذة عن كتاب البيان والتبيين – الجاحظ
سَعَى الجاحظ (255- هجرية) في “البيان والتَّبيين” كي يقدّم مفهوم البيان وأساليبه وآلياته التي تُسهم في عملية الإبلاغ والتِّوصيل؛ فالبيان عنده: “اسم جامع لكلِّ شيءٍ كَشَف لك قناع المعنى، وهتك الحِجاب دونَ الضمير، حتى يُفضي السامع إلى حقيقته ويَهجُم على محصوله كائناً ما كان ذلك البيان، ومن أيّ جنس كان ذلك الدّليل، لأنّ مدار الأمر والغاية التي إليها يجري القائل والسامع؛ إنّما هو الفَهْم والإفهام، فبأيِّ شيءٍ بلغتَ الإفهام وأوضحت عن المعنى، فذاك هو البيان في ذلك الموضع.
توقّف الجاحظ عند مسألة المجاز دون أنْ يستخدم المصطلح، وإنْ كان يشير إليه هنا، لكنّ الجاحظ كان يشرح أبعاده وهو يتحدّث عن تفسير بعض الآيات القرآنية الكريمة كقوله تعالى: ? يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ? فالعسل ليس ماء، لكنَّه يتحول بالماء إلى شراب، ويبيّن أنّ العرب تقول “جاءت السماء بأمر عظيم”.
كما يتوقّف الجاحظ عند التوظيف المجازي للألفاظ مبينّاً أنّ هذا التوظيف يسعى إلى إيضاح المعاني وتقريبها وتوضيح غامضها؛ ولم يكن الجاحظ هنا متعصّباً للّفظ دون المعنى، وإنما كان يصدر عن لحظة متوازنة ترى العلاقة الجدلية بينهما.
وهكذا يمضي الجاحظ فيستنطق مظاهر الحياة الثقافية العربية، ويبرز ما تنطوي عليه من أبعاد تواصلية ضمن رؤية تتَّسم بالعمق والموسوعية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.