الأقباط في السياسة المصرية “مكرم عبيد ودوره في الحركة الوطنية”

نبذة عن كتاب الأقباط في السياسة المصرية “مكرم عبيد ودوره في الحركة الوطنية”

تميز بين المواقف الوطنية للحركة الشعبية المصرية فى 1919 وما بعدها دور الأقباط فيها واستمرار ذلك الدور من خلال موقعهم فى حزب الأغلبية، حزب الوفد، كتعبير عن إسهامهم الذى لم ينقطع فى الحركة الوطنية المصرية، ويمثل بالنسبة لنا الدور السياسى لمكرم عبيد- من بين الزعماء الآخرين سواء الأقباط منهم أو المسلمين- جاذبية خاصة ومدعاة لاهتمام متميز إذ كان مكرم عبيد نموذجاً يمكن التركيز عليه لدراسة دور الأقباط فى الحركة الوطنية المصرية، ومتابعة ذلك الدور من خلال المسيرة السياسية لمكرم عبيد، الذى استمر نشاطه السياسى دون توقف على امتداد الفترة من 1919 إلى 1952. كما كان مكرم عبيد هو السكرتير العام لحزب الأغلبية لفترة امتدت قرابة خمسة عشر عاماً فقد بدأ دوره المرموق فى الحركة الوطنية كواحد من مؤيدى زعيم الثورة الشعبية فى 1919. سعد زغلول، وقد اعتمد مكرم عبيد فى الوصول إلى مكانة خاصة ولون متميز بين السياسيين فى تلك الفترة على تمتعه بمعظم المؤهلات والمواهب التقليدية التى اتصف بها السياسيون المصريون فى وقته، فكانت لديه القدرة- وهو الخطيب البارع والكاتب المجيد- على التأثير فى الرأى العام وتحريك مشاعر الجماهير كما أبدى حذقا وبراعة عظيمين فى مناورات الحياة السياسية.
ويعتبر مكرم عبيد -فى تكوين شخصيته ومسار حياته السياسية- تجسيداً حقيقياً لفكر ومشاعر وطموحات فرد ينتمى إلى أقلية دينية هى جزء لا يتجزأ من وطن ينتمى إليه بالدرجة الأولى. ولعل ذلك يفسر اندفاعه وتطلعه للقيام بدور سياسى مؤثر على المستوى الوطنى كله.
ويهمنى أن أوضح أن الاهتمام بالجانب الدينى فى هذا الكتاب لاينصرف إلى المعتقدات الروحية، ولكنه يهتم بها فقط من حيث هى أسلوب حياة، ونموذج ثقافة يؤدى إلى تركيب فكرى معين، وخلفية بذاتها تبدو واضحة فى تفاعلها واستجابتها وردود فعلها للآراء المختلفة والأحداث المتعددة، كما أنها تتدخل فى تحديد شكل العلاقة بين الفرد ومجتمعه فى مواجهة السلطة القائمة.
وهكذا فإن هذه الدراسة سوف تبحث فى عدة عناصر بعضها سياسى والبعض الآخر اجتماعى أو دينى، كما أن هذا البحث لا يعتبر تأريخًا للأحداث على الرغم من أن التاريخ هو الذى يقدم خلفية الحقائق ومادة الأحداث.
إنها محاولة لتتبع دور الأقباط فى الحياة السياسية المصرية من خلال متابعة السياسى المصرى القبطى مكرم عبيد عبر مسيرة من العمل الوطنى والحزبى تمتد لقرابة ثلاثين عاماً. كما أنها تسعى لدراسة دوره البارز فى الحركة الوطنية والذى اقترن بطموح فردى عظيم والتزم بالظروف المحيطة به وتجاوز حدود طائفته ليكون تعبيراً عن الوجود الشعبى للأقباط فى الحركة الوطنية المصرية الحديثة.