اقتصاديات استثمار الفوائض النفطية ؛ دراسة مقارنة وتطبيقية على المملكة العربية السعودية

نبذة عن كتاب اقتصاديات استثمار الفوائض النفطية ؛ دراسة مقارنة وتطبيقية على المملكة العربية السعودية

في ظل القناعة بأن النفط مصدر ناضب، نجد المملكة العربية السعودية ومعها باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام تحد كبير، هو انتهاز فرصة ارتفاع أسعار النفط الحالية وما ولدته من فوائض مالية ضخمة (وما ستولده من فوائض محتملة خلال السنوات المقبلة)، وذلك من أجل إعادة النظر في استراتيجية إدارة تلك الفوائض وآلياتها بطريقة أكثر إنتاجية مما كان عليه الوضع خلال العقود الثلاثة الماضية، بحيث تكون هناك رؤية تنموية بعيدة الكدى (على المستويين الوطني والإقليمي) تضع في اعتبارها إمكانيات الحاضر وتحديات المستقبل ومتطلباته، بما يضمن في النهاية تواصل عملية التنمية، بحيث تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وفي سبيل الوصول إلى إدارة مثلى للفرائض المالية، نحاول من خلال هذه الدراسة المقارنة معرفة كيفية استثمار الفوائض المالية التي تحققت أو تتحقق خلال سنوات الطفرة السابقة والحالية، فمن خلال دراستنا للتجارب المقارنة وجدنا أن هناك دولاً استطاعت توظيف فوائضها المالية توظيفاً أمثل يضمن لها الاستمرار في عملية التنمية.
ومن ثم فإن المشكلة الإساسية لهذه الدراسة، تكمن في افتراض أن إدارة الفوائض في المملكة العربية السعودية تفتقر إلى الكثير من الأسس التي نجحت التجارب المقارنة في وضعها. وفي ظل هذا الافتراض، اعتمدت الدراسة التحليل المتدرج والمنطقي الذي يبدأ بعرض التجارب المقارنة لينتهي بعرض التجربة السعودية وأهم ما تم التوصل إليه من نتائج ومقترحات.
بناء على ذلك، فإن هدف الدراسة المقارنة المطبقة على المملكة العربية السعودية يتمثل في التوصل إلى آلية وطنية تضمن استثمار الفوائض النفطية بشكل تحكمه الكفاءة والشفافية ويراعي المتطلبات التنموية الحاضرة والمستقبلية. بما يضمن في النهاية تحقيق الاستدامة في عملية التنمية، ومن ثم تقديم التوجيهات المفيدة لصناع القرار في المملكة وفي باقي دول مجلس التعاون. وقد اتبعت الدراسة المنهج الاستقرائي والتحليل الوصفي المقارن للبيانات المتاحة، سواء بالنسبة للتجارب المقارنة أو بالنسبة لحالة المملكة العربية السعودية.
وحتى يمكن التوصل إلى تفسير وحل لمشكلة الدراسة الأساسية، فقد ارتكز التحليل على عدد من المحاور الأساسية في مقدمتها محور التجارب المقارنة في استثمار الفوائض. ففي هذا المحور عرضت الدراسة تجربتين أساسيتين، هما: التجربة الآسيوية، والتجربة النرويجية التي يشار إليها عالمياً بأنها تأتي في مقدمة التجارب الناجحة في استثمار الفوائض.
كما عرضت الدراسة في محورها الرئيسي الثاني للتجربة السعودية وكيف أنها شهدت تطوراً وتحولاً ارتبطاً بالتحولات الاقتصادية، سواء على مستوى الاقتصاد السعودي ومتطلباته التنموية أو على مستوى العالمي وما شهده من تطور في أسعار النفط بالأسواق العالمية. وتناولت الدراسة في هذا المحور أسلوب استثمار الفوائض من خلال التركيز على تجربة كل من مؤسسة النقد العربي السعودي وصندوق الاستثمارات العامة، وتم تقييم تجربة المؤسستين من وجهة نظر الباحث. ومن منطلق ما توصلت إليه الدراسة، فقد قدمنا المقترح الأساسي المتمثل في إنشاء صندوق سيادي يكون اختصاصه إدارة الفوائض واستثمارها بطريقة مهنية وشفافة تراعي كافة المعايير المستفادة من التجربة النرويجية، وفي الوقت نفسه تسد باب الذرائع التي تثيرها الحكومات الغربية حول استثمارات الصناديق السيادية. وقد خلص هذا المحور إلى تقديم بعض المقترحات حول أبواب الاستثمار التي يمكن أن ينشط فيها الصندوق خلال الفترة المقبلة، مع الأخذ في الحسبان التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي ومتطلبات الاقتصاد السعودي، من أجل تلافي المشكلات التي يمكن أن تعترضه في أسواق الاستثمار التقليدية.