نبذة عن كتاب إعترافات القديس أوغسطين
رسم أحد الباحثين المعاصرين شجرة مفصلة للفلسفات الوجودية، فأدخل فلسفة القديس أوغسطين جنبا إلى جنب مع فلسفة سقراط وفلسفة الرواقيين ضمن ما سماه باسم “جذور الشجرة الوجودية”. ولئن كان من التعسف في رأينا أن ننسب إلى القديس أوغسطين “فلسفة وجودية” بالمعنى الاصطلاحى الدقيق لهذه الكملة، إلا أنه من المؤكد أن تفكير أوغسطين قد اتسم بطابع وجودي واضح، نظراً لأن هذا التفكير قد نبع من أعماق حياته الروحية، فكان ثمرة لما عاناه صاحبه من صراع حي وتوتر عنيف وثراء باطني. الخ. والحق أن أوغسطين قد عاش فلسفته وفلسف حياته، فلم ينفصل وجوده لحظة عن مذهبه، إن لم نقل بأن هذا المذهب نفسه لم يكوى سوى سلسلة من الخبرات المعاشة التى كابدها هذا المفكر المسيحي. وإذن فليس بدعا أن يذهب كثيرون إلى وجود “بذور وجودية” في فلسفة أوغسطين، خصوصا وأن فيلسوفنا قد قدم لنا “سيرة ذاتية” صور لنا فيها تطوره الروحي، وأظهر لنا من خلالها على الصلة الوثيقة التى طالما جمعت بين حياته وفكره. وليست هذه “السيرة الذاتية” سوى كتاب “الاعترافات” الذى أجمع كثير من مؤرخى الفلسفة على اعتباره “تحفة نادرة” في تاريخ التراجم الذاتية التى انحدرت إلينا من القرون الأولى للمسيحية، أو على الأصح من عهد آباء الكنيسة الأولين، وهو ما سيكون موضوع حديثنا في هذا الكتاب.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.