نبذة عن كتاب إعادة التفكير في المصلحة القومية ؛ واقعية أمريكية من أجل عالم جديد
ما المصلحة القومية؟ ذلك سؤال طرحته عام 2000، في هذه الصفحات (مجلة فورين أفيرز)، وقد كانت تلك فترة أسميناها -عن جدارة- “حقبة ما بعد الحرب الباردة”، فقد كنا نعلم أين كنا، ولكن ليس إلى أين نحن ماضون. بيد أن تغيرات هائلة كانت قد بدأت في الحدوث، وهي تغيرات تم التعرف إليها حينذاك، ولكن لم يكن من الواضح ما سيكون لها من انعكاسات.
ثم وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وكما كانت عليه الحال في أعقاب الهجوم على بيرل هاربر عام 1941، فقد انجرفت الولايات المتحدة الأمريكية نحو عالم مختلف تمام الاختلاف. فقد دعينا لقيادة التعامل بصورة عاجلة جديدة ومن منظور جديد مع وضع ينطوي في أحد جانبيه على تهديدات بارزة، كما ينطوي في المقابل على فرص ممكنة. وكما هو شأن الصدمات الاستراتيجية السابقة، اتسمت سياستنا الخارجية منذ هجمات 11 سبتمبر بعناصر تمثل الاستمرار والتغيير في آن واحد.
أما ما لم يتغير، فهو أن علاقاتنا بالقوى الكبرى التقليدية والصاعدة ما تزال مهمة في التسيير الناجح للسياسة، لذلك، فقد وضعنا نصب أ‘يننا دائماً الرأي الذي طرحته عام 2000، من ضرورة أن نسعى لتصحيح “العلاقات بالقوى الكبرى”، مثل: الصين وروسيا، وبالقوى الصاعدة، مثل: الهند والبرازيل. وكما كانت عليه الحال في السابق، فإن تحالفاتنا في الأمريكتين وأوربا وآسيا تظل هي دعامات النظام الدولي، ونحن نعكف حالياً على تحويل تلك التحالفات بما يكفل التصدي لتحديات حقبة جديدة.
أما ما تغير، فهو -عموماً- الكيفية التي ننظر بها إلى العلاقة بين الدنياميات ضمن الدول أولاً، وتوزيع القوى فيما بين تلك الدول ثانياً. فبينما تساعد العولمة على تقوية بعض الدول، فهي تسفر -في الوقت ذاته- عن فضح إخفاقات كثير من الدول الأخرى ومفاقمتها، وهي الدول التي يحول مدى ضعفها وسوء إدارتها دون أن تتمكن من التصدي للتحديات الماثلة ضمن حدودها، ومن منع تلك التحديات من التفاقم إلى خارج حدوجها، ومن ثم زعزعة الاستقرار في النظام الدولي. وفي هذه البيئة الاستراتيجية، فإن من الأمور الحيوية بالنسبة إلى أمننا القومي أن تكون لدى الدول الرغبة في تحمل ما تمليه عليه مسؤولياتها السيادية على نحو كامل، سواء كان ذلك ضمن حدودها أو خارجها، وأن تكون لديها كذلك القدرة على تحمل تلك المسؤوليات. وقد فرض علينا هذا الواقع الجديد إجراء بعض التغييرات المهمة على سياستنا، فقد أصبحنا ندرك أن بناء الدولة الديمقراطية هو أحد المكونات الملحة لمصلحتنا القومية. وعلى مستوى الشرق الأوسط الكبير، أصبحنا ندرك أن الحرية والديمقراطية هما المفهومات الوحيدان اللذان يمكنهما -بمرور الزمن- أن يؤديا إلى اسقرار عادل ودائم، وخصوصاً في أفغانستان والعراق.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.