أليس كذلك ؟


نبذة عن كتاب أليس كذلك ؟

عبد العال كان من مدة كان معه تحقيق وسين وجيم. فقد اشترك مرة في ضبط واقعة واستلم هو المضبوطات وأمضي بذلك. وبعد أيام جردت الأحراز فوجدوا حرزاً ناقصاً. وجاءوا بعبد العال وسألوه وأنكر. وألحوا في السؤال وأغلظوا وتلجلج. وشك فيه الضابط وهدده بالتفتيش. ورأى عبد العال من عينيه أنه ينوي حقا تفتيشه، وحينئذ مد يده في جيبه وأخرج منها الحرز المفقود.
وكان الحرز هو الدليل المادي في القضية، فقد كان شيكاً مزوراً.. شيكاً بمبلغ مائة ألف جنيه أتقن تزويره.
واستغرب الضابط.. وفتح محضراً وراح يسأل. وتوقف عند السين التي تقول: لماذا احتفظت بالشيك المزور معك؟ ولم يستطيع عبد العال أن يدلي بسبب واضح. همهم وغمغم وقال كلاماً فارغاً كثيراً لم يقتع الضابط، ولم يقتنع به هو. وفي آخر النهار عاد عبد العال من القسم منهوكاً محطم القوى. عاد وقد خصم من مرتبه نصفه، ونقل من المباحث وأنذر بالفصل.
عاد وهو حزين ساخط، ومع ذلك كانت في أعماقه طراوة رضا وسعادة.. فلا أحد قد فطن إلي أنه كان قد احتفظ بالشيك المزور ليستخرج له صورة فوتوغرافية طبق الأصل، صورة كلفته كثيراً ودفع فيها خمسة عشر قرشاً.
ومضي اليوم، ومضت وراءه أيام، وذهب حزن عبد العال وسخطه، ولكن بقيت صورة الشيك المزور. وللآن لا تزال أسعد لحظات عبد العال هي تلك التي يهرب فيها من زحمة الناس ويتخلي بنفسه، ويطمئن إلي أن أحداً لا يلحظه أو يراه، ثم يخرج حافظة نقوده بعناية، ويستخرج من جيب مخصوص فيها صورة الشيك، ويحس بالرعد في أذنيه والتنميل في أطرافه وهو يرى شعار البنك والحروف المطبوعة، ثم وهو يقرأ الجملة الخالدة ويلمس عليها بأصابعه: ادفعوا لحامل هذا مبلغ مائة ألف جنيه مصري لا غير.
ويستمر يحدق في الشيك حتي تهجع الزوابع التي في جوفه، ثم يطويه بعناية ويعيده إلي جيبه الخاص في المحفظة ويتنهد، وكأنما قد انتهي من اعتراف أو صلاة، ثم يعود هو في بطء إلي الناس وزحمتهم، يعود كما كان عسكرياً طويلاً وأسمر، وعلي ظهر يده اليمني سمكة فمها مفتوح، وذيلها مشقوق، وعلي عينها نقطة.

رمز الكتاب: egb132670-5135827 التصنيفات: , الوسوم: ,

Description

بيانات كتاب أليس كذلك ؟

العنوان

أليس كذلك ؟

المؤلف

يوسف إدريس

الناشر

دار نهضة مصر للطباعة والنشر

تاريخ النشر

01/01/2014

اللغة

عربي

ردمك

9789771441671

الحجم

21×14

عدد الصفحات

142

الطبعة

2

المجلدات

1

النوع

ورقي غلاف عادي

المراجعات

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يراجع “أليس كذلك ؟”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *