نبذة عن كتاب آيات مبصرة في القرآن الكريم
كانت أولى الكلمات فى خاتمة الرسالات السماوية، اقرأ، والقراءة هنا لاتقف عند الحروف المنطوقة، بل هي واجبة النفاذ إلى المعانى واستنباط مايمكن الانسان من المعرفة، وأن تصبح المعرفة وسيلة مركبة للوصول إلي الخالق العظيم، وكذلك الولوج إلي أسرار هذا الخلق من حيوان ونبات وجماد، ولم تؤمر أمة باتباع السبل الي العلم بقدر ما أمرت به أمة محمد، وتعرض القرآن الكريم كتاب المسلمين الي قضايا العلم بصورة شاملة مؤكدا أن رب هذا الكون لم يخلقه عبثا، إنما أقامه على نواميس وسنن تجرى به إلى يوم تعطل فيه النواميس والقوانين، ويعود كل شيء إلى خالقه، يسيره كيف يشاء. ولعل القرآن كان واضحا فى حثه المؤمنين أن يتفكروا ويتدبروا كيف بدأ الخلق، وكيف بث الخالق العظيم مخلوقاته فى هذا الكون العريض، وطبيعة هذه المخلوقات، وكان أول حديث عن العلم فى الملأ الأعلى أي فى السماوات، حين أراده الله أن يكون معلما للبشر الذين سيقيمون فى الأرض ويعمرونها، فلما أتم الله خلق آدم عليه السلام، أنبأ الملائكة وهم خلق من خلقه، سبحانه، إنى جاعل فى الارض خليفة، أى خلف من بعد خلف، فردوا رد المندهش، أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال سبحانه، إنى أعلم ما لاتعلمون، فعلم آدم الاسماء كلهاثم عرضهم علي الملائكة، فأعجزهم الرد وأدركوا أن شيئا عظيما فى علم الله لم يحيطوا به سوف يكون، قالوا سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا، ومن هنا كانت الميزة العظيمة لبنى البشر أن الذى علمهم هوخالقهم وأن العلم هو آيتهم فى الحياة علي الارض، سيكتشفون قوانين هذا العالم الجديد، وسيحملهم هذا العلم علي أجنحته، حتى تتزين الأرض وتتخذ زخرفها ثم تصير الي قدر خالقها فى نهاية المطاف. لقد أصبح العلم رزق الإنسان علي الأرض، وتسلح به الانبياء والصالحون وأمروا الناس أن يتخذوه طريقا فى دنياهم ومعيشتهم، ومنهجا يوصلهم بسلام إلي أخراهم، ولقد رأينا كيف كان منطق أبي الأنبياء ابراهيم فى نظراته الي السماء، باحثا عن ربه، وكيف استطاع بهذا المنطق أن يصل الي الحقيقة الكبرى، إن الله رب هذا الكون وربه أكبر من النجوم الآفلة، والشمس الغاربة والسماوات علي اتساعها، وكيف حاور إمام الكفر على ملأ من الناس، بمنطق يعجز عنه أساطين علم المنطق فى كل زمان ومكان، فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذى كفر. والقرآن الكريم لايتوقف عن الفيض بكل مايغذى العقل، ويثرى الروح، فهو يبث الآيات كما تلمع فى الآفاق الشهب ليكشف النقاب عن إعجازه وليس هناك كتاب خبأ أسرار الحواس الإنسانية مثلما فى القرآن، اذ ينضح بها كلما توقف العقل ذاهلا مستشعرا العجز مهما بلغ من علم ومعرفة، فهل كان الإنسان يدرك أن حاسة السمع هى أولى الحواس التى تتكون فى المرحلة الجنينية، وكم من عالم شهد بالقدرة الإلهية عندما علم أن القرآن إذا ذكر الحواس بدأ دائما بالسمع منذ عشرات القرون. وهل كان يدرك أحد من قبل أكثر من أربعة عشر قرنا أن مستقبلات الضوء الليلى علي شبكية العين يتم محوها تماما مع بزوغ النهار، فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة، ماكان لأحد ليعرف هذا الذى يدور من عمليات حيوية متسقة تحدث بعيدا عن العين المجردة، فلايراها الناظرون، ثم إذا أراد الله، نفذ النظر إليها بآلة بسيطة هي الميكروسكوب المكبر حتي عشرات الآلاف من المرات، فيبصر ويبصرون ولم تكن هناك من هنة يستطيع أن يمسك بها المكذبون ليردوا عن القرآن إعجازه وسبقه لكل مايمكن أن يجرى فى هذا الكون حتي يرث الله الأرض ومن عليها. ولعل الرسالة التى يحملها هذا الكتاب تكون اضافة جديدة، خاصة هذا الجزء الذى نتحدث فيه عن الحواس الخمس، وكيف انطوى القرآن الكريم علي أسرارها العجيبة، التى مازال الحجاب ويكشف عنها حتي هذه اللحظة من القرن الحادى والعشرين. وإنى لمدرك أن هناك كثيرا من الأسرار لاتزال فى علم الله لم يشأ بعد أن يحيط بها أحد من البشر، وأن هناك حكمة بالغة وراء كل مايمنح الله ومايمنع،ولا معقب لحكمة، تبارك وتعالى عما يشركون، ولسوف يتعلم الانسان ويعلم ماشاء له الله أن يعلم حتي يرث الله الأرض ومن عليها.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.