نبذة عن كتاب مفهوم النص-دراسة في علم القرآن
تعدّ هذه الدراسة خطوة ثالثة على طريق درس تراثنا الفكري من منظور علاقة المفسر بالنص وجدله معه. وكانت الخطوتان السابقتان للباحث تتمحوران حول دراسة تأويل النص القرآني، سواء أكان هذا التأويل يتم على أسس عقلية كما هو الأمر عند المعتزلة، أم كان يتم على أساس ذوقية حدسية كما هو الأمر عند المتصوفة.
ولقد كان التركيز في الدراستين السابقتين ينصب على الآفاق الفكرية والمعرفية التي تبدأ منها عمليات التفسير والتأويل. ولذلك كان من الضروري أن يكون تركيز الباحث في دراسته هذه على جانب النص ذاته، وذلك في محاولة لاكتشاف مكوناته وآلياته الخاصة ودوره الإيجابي في عملية التأويل. إن التركيز على دور المفسر في فهم النص وفي تحديد دلالته ومغزاه قد يوهم أن النشاط التأويلي والتفسيري مجرد جذب للنص إلى أفق القارئ والمفسر. وهذا ما حدث في فلسفة التأويل المعاصرة حيث بولغ في دور القارئ والمفسر إلى حد إهدار كينونة النص والتضحية بها لحساب فعالية التأويل. من هنا كان السؤال عن كينونة النص في الدراسات النقدية المعاصرة سؤالاً هاماً ومشروعاً. وإذا كان الباحث قد اهتم في دراسته الأولى بالتركيز على فعالية المؤول؛ فإنه قد تنبه في دراسته الثانية لأهمية النص وأشار لدوره وفعاليته ولفعالية ما يرتبط به من تراث تفسيري وتأويلي، وأشار لتأثير ذلك كله على فكر المفسر.
ولذلك، كان من الطبيعي أن تكون الخطوة الثالث إفراد دراسة خاصة تتناول مفهوم النص وتناقش جوانبه المختلفة، وتكون هذه الخطوة الثالثة بدورها بمثابة تمهيد لخطوات أخرى يتم بها استكمال درس الاتجاهات التأويلية الأخرى في التراث درساً علمياً لا يغفل أحد طرفي العلاقة ولا يركز على أحدهما على حساب الآخر.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.