مذكرات موسوليني

نبذة عن كتاب مذكرات موسوليني

تعتبر قصة حياة الدوتشي بنيتو موسوليني تجسيداً حيا لكفاح رجل عاش بين أحضان الفقر وافترش البؤس والتحف الأمال والأحلام رغم غائلة الجوع وأنيابه المفترسة، ربما نختلف مع هذا الرجل الأسطورة الذي استطاع بكفاحه أن يبرهن على أن من جد وجد ومن زرع حصد، بغض النظر عن مفاهيمه الإلحادية والثورية والاشتراكية الجريئة والصارمة، صحيح أن نشأة الدوتشي لم تكن أبداً مدعاة للتفاؤل ومبعثاً للآمال، بل على العكس كانت تؤكد يوماً بعد آخر أن مصير هذا الطفل المشاكس المشاغب حتماً سيكون رئيساً لعصابات المافيا الإيطالية الشهيرة، أو سيكون قواداً للنساء أو لصاً محترفاً، لكن أن يتحول هذا الفوضوي العربيد الثمل العنيف من مجرد شاب ساخط ناقم حاقد إلى زعيم إيطاليا وأسطورتها ورئيسها وحديث أوروبا فهذا ما يستحق أن يروى ويحكى حتى يعتبر من أراد أن يعتبر، ويتعلم من ابتغى العلم، ويسعى من فاض صبره وضاق صدره من السعي والنضال دون أن يجني ثمار عمله الشاق.
والواقع أن هذا الرجل المستبد الذي أشاع الظلم والطغيان والفساد في إيطاليا لم يكن مجرد بائس فقير لا يجد قوت يومه فحسب بل كان يتضور جوعاً ويكاد يموت من شدة البرد القارص حين هاجر بمفرده إلى سويسرا ولم يجد ملاذاً له سوى أحد الجسور التي تمدد على أعشابها مزاحماً جرذانها وقوارضها وأفاعيها أملاً في استقطاع ساعة يلتمس خلالها راحة واسترخاء بعد عناء يوم شاق من العمل في مجال المعمار، صحيح أن أغلب الزعماء ولاسيما الطغاه قد كابدوا وعانوا من نكد الدنيا عليهم، وربما لم يكن الدوتشي منفرداً بتلك النشأة البائسة بل سبقه إليها الزعيم محمد علي ونابليون بونابرت وهتلر وغيرهم من الذين سطروا بكفاحهم اروع الانتصار، لكن الأغرب من ذلك أن نهاية هؤلاء جميعاً تشابهت كما توحدت نشأتهم حيث لم يكن منهم من اتعظ واعتبر ممن سبقه، وتأمل نهاية الدوتشي المأسوية حين علقه الإيطاليون من رجليه فتدلت رأسه في مشهد رهيب ومثير تأمل كيف انتهت حياة نابليون وهتلر وغيرهم من الطوغيت والذين أثاروا فزع شعوبهم من أجل سلطة ظنوا أنها خالدة وأبدية بعد أن أسكرتهم وأعمتهم عن رؤية الحق وإدراك العدل واستشراف آفاق المستقبل.