نبذة عن كتاب صورة النبي “صلى الله عليه سلم” في الشعرية العربية قديمها وحديثها
لم يكن النبي “محمد صلى الله عليه وسلم” وجودًا فيزيائيًا محضًا التقت فيه عناصر الفكر والشعور والنزوع إلى الفعل على أرقى ما يكون، بل كان، قبل كل هذا، وجودًا لمعنى حقيقة كبيرة سبقت إرادتها إلى إيجاد ما ينم عنها أو يشير إليها، فأبدعت العالم بوصفه مناسبة للبوح عن مكنون رؤيتها لمعلولها، وربطت بينه وبين ما يسمى الخير والشر.
ولذلك قال “صلى الله عليه وسلم”: (أول عين ترى الله عيني) أي تلاحظه، وتحفظه، وتدل عليه. وقد وصف الله تعالى شدة قرب نبيه محمد “صلى الله عليه وسلم” منه فى ليلة الإسراء والمعراج فقال: “ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى”. ولعل المهاد الصوري الذي ينطوي على كثير من التفصيلات المائزة يتيح بثرائه غير العادي أن يتحرك “البطل الديني”، وهو هنا النبي “صلى الله عليه وسلم”، حركة واسعة في قضاء الزمان والمكان، كما يتيح له أيضًا أن يحل في إرهاب كائنات أخرى وأبطال آخرين، مستدعيًا ذاته في الوجود كله، على سبيل الانتشار والتداعي.
إن شخصية محمد “صلى الله عليه وسلم” بوصفه ذلك البطل الديني الذي يجمع ألوان الطيف جميعًا في مؤشر الضوء الذاتي لروحه الفريدة الفذة ولدلالات صفاته كلماته وأفعاله، هي الشخصية القريبة، بحق من تخيل اليوتوبيا. وفي هذا السبب وحده ما يجعله حثًا لشعرية الكينونة الأصيلة على الاستجابة لنداء الحضور في الواقع الآني.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.