نبذة عن كتاب خيوط العنكبوت

لما عادت مدت أصبعين بقرش بينهما، فتناولت فنجانتها وأطلت النظر فيها بغير فهم، ولم يحضرني كلام -لا طيب ولا خبيث ولا مطمئن ولا مزعج- فعجبت للدجاجلة وأكبرت قدرتهم، ويظهر أن طول تحديقي في الفنجانة وتجهمي من جراء عجزي أقلقلها فدنت مني ووضعت كفها الرخصة على كتفي وقالت متوسلة: “قل الحق… لا تكتمني شيئاً”.
فأدركني العطف عليها والاحتقار لنفسي، غير أن التراجع كان مستحيلاً فألهمت أن أقول: “أوه.. لا شئ… الواقع أن القهوة كانت خفيفة، ولكني مع ذلك أرى قليلاً جدا، هذا طائر على غصن.. واضح جداً هذا.. والغصن قلق كثير الاضطراب، والرياح مختلفة المهاب، ولكن الطائر ساكن مستقرا على فننه، ويخيل إلي أن معنى هذا إن اضطراباً يعتورك ولكنك تنتهين إلى الاستقرار، فهل أصبت؟”.
فوثبت إلى قدميها وهي تقول: “برافوا… برافو… ما أصدق الفناجين.. وما أبرعك أنت.. إني دائماً أعتزم أن أنتقل من البيت ولكني لا أراني أتركه إلى سواه، صحيح.. صحيح.. ثم ماذا؟ قل بالله” فشجعني هذا التوفيق وقلت مستمداً من وحي الخيال: “وهنا يبدو لي -على قدر ما أرى، فإن الآثار خفيفة طفيفة- شئ هو خسارة تصيبك، خسارة مال أو حلى مثلاً، لا أدري كيف تكون الخسارة، ربما حدثت سرقة، وقد تفتقدين هذا المال، ولكن المهم انه يضيع والسلام، ولكن تحت الخسارة شخصاً يعوضها بما يرضيك وستكونين راضية شاكرة”. ثم حدقت في الفنجانة وأدرت وجهها إلى النور، ثم رفعت عيني إلى وجهها وقلت وأنا أبتسم. “يكفي هذا الآن.. في وقت آخر أتم لك القراءة”.
فألحت فازددت أنا على الإلحاح تأبياً، وتعمدت مع التأبي أن أتوخى في كلامي وهيئتي ما يطمئنها ولكنها ظلت تصر وتقول: “لابد أن تكون عرفت شيئاً آخر.. ومن حقي أن أعلمه فأني أولى به منك”.
فقلت “أسرارك في صدرك ياسيدتي لم أستبح لنفسي منها شيئاً”.
فقالت: “أهو إذن سر لي عرفته؟ حدثني بالله”.
فقلت متخابثاً: “لا أستطيع… فإن الذي أراه ليس مقصوراً عليك وحدك، فهناك سر لآخر”.
قالت: “أهو ذاك؟”.
قلت: “هو بعينه.. رأيته أول ما رأيت وكأوضح ما يكون فكتمته”.
قالت: “ألا تخبرني؟”
قلت: “في وسعي أن أخبرك بما في الفنجانة ولكني أفضل.. أن أسكت”.
ولما آن أن أتركها سألتني وهي تصافحني. “أصحيح ما قلت؟”.
فضحكت، وضغطت يدها وأنا أقول: “لم أقل شيئاً ولكنه مع ذلك صحيح”.
ففركت لي أذني وهي تقول: “يا خبيث.. هل كنت تقرأ في الفنجانة؟”.
فقلت: “كلا، لقد كنت أقرأ ما في عينيك.. وأنت؟”.
قالت: “لقد تصنعت لاستدراجك”.
قلت: “ياللمرأة من ممثلة”.
قالت: “وياللرجل من محتال”.
قلت أيهما الذي احتال على صاحبه -آدم أم حواء؟”.

رمز الكتاب: egb148301-5159047 التصنيفات: , , الوسوم: , ,

Description

بيانات كتاب خيوط العنكبوت

العنوان

خيوط العنكبوت

المؤلف

إبراهيم عبد القادر المازنى

الناشر

شركة نوابغ الفكر للنشر والتوزيع والتصدير

تاريخ النشر

01/01/2009

اللغة

عربي

الحجم

17×24

عدد الصفحات

291

الطبعة

1

المجلدات

1

النوع

ورقي غلاف عادي

المراجعات

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يراجع “خيوط العنكبوت”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *