نبذة عن كتاب حكايات شمردل
ها هي الحياة المدنية تبدأ من هذه النقطة، نصف متر مربع من الرمل الأصفر تحت قبة صخر تزخر بديب الآدمين المتعبين، جنود يخلقون الحياة في هذا الموت، الذي ربما جثم فوق تلك البقعة آلاف السنين، قبل أن يحلوا عليها من أزقة المدن، ومتاهات القرى النائية، المدق الذي يشق بطن الصحراء، يتهادى في الخضم الأسود لليل فارق شاطئ النهار منذ ساعات، يدغدغه دبيب متلاحق، لقدمين مثقلتين بعبء الأيام الآتية، كم ستكون قاسية يا شمردل، وأنت مستعد لها بعريك الذي رماك في آخر الطابور، ونزع منك الرفاق، ها أنت وحيد، تحارب الطريق الوعرة المعبدة فوق حزنك وظمأك وشوقك لعالم لم يولد بعد، الطريق المؤدي إلى الضفة الأولى من القناة، التي دفنوا جدك حياً تحت ترابها، يترنح بين ضربات المعاول والفؤوس التي شقت الحياة في الموت، وفتحت طريقاً يعبر فيه الأمريكان إلى الخليج، الطريق المنتهي عند الضفة الثانية من القناة، التي صنعت من دماء ابن عمك التي سالت في حرب الاستنزاف خمراً في كؤوس اللصوص الجدد، الذين تاجروا بالوطن، يشربون ويبصقون علينا.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.