نبذة عن كتاب تقاسيم على العنبر
ايفان: (من هاملت) نكون أو لا نكون، ذلك هو السؤال . أمن الأنبل للنفس أن يصبر المرء على تقاليع الدهر اللئيم وسهامه أم يشهر السلاح على بحر من الهموم، ويصدها فينهيها؟ نموت… ننام وما من شيء بعد… أنقول بهذه النومة ننهي لوعة القلب وآلاف الصدمات التي يتعرض لها الجسد؟ تلك غاية ما أحر ما تشتهي… نموت… ننام… ننام… وإذا حلمنا لعمري هناك العقبة، فما قد نراه في مسبات الموت من رؤى وقد ألقينا بفاتك الفوضى عنا يوقفنا للتروي… هذا ما يجعل طامة من حياة طويلة كهذه، وإلا فمن الذي يقبل صاغراً سياط الزمان ومهانته ويرضخ لظلم المستبد، ويسكت عن زراية المتغطرس وأوجاع الهوى المردود على نفسه، ومماطلات الفضاء وصلافة أدلي المناصب وحسنتهم، والازدراء الذي يلقاه دون الجدارة والجلد من كل من لا خير فيه، لو كان في مقدوره تحقيق راحته بخنجر مسلول، من منا يتحمل عبأه لاهثاً يفرق تحت وتر من الحياة لولا الخوف من أمر قد بلي الموت، الموت ذلك القطار المجهول الذي لا يعود من وراء حدود مسافر”. العالم برمته أصبح عنبراً للفوضى والخراب والمجانين، وهكذا يمكن تفسير مزيان مسرحية “تقاسيم على العنبر”. فعنبر جيخوف السادس هو عنبر فقدان المثل وانحلال القيم وسيادة الطغيان. ببساطة أن مخلوقات جيخوف في عنبر الخراب هم أنفسهم أولئك البشر الذين يستيقظون في كل فجر على وقع المتصلة والوحشة، كلنا ايفان المصاب بعقدة الاضطهاد، وكلنا أندريه الراهب الذي ضل الطريق إلى مستشفى الأمراض العقلية، أندريه وايفان مرآتان متقابلتان، متناقضتان تشكلان في النهاية هندسة الذل والإذعان والتوق لفك الارتباط بالأمل المعقود على الفردوس المحطم في داخل العنبر وخارجه، نحن متشابهون، فسكان العنبر يشبهوننا مع فارق وحيد، هم مسيجون ومسجونون في فناء ضيق، يأكل أرواحهم الفريص والعفونة، ونحن نعيد كوك العفونة في ظل سياج دام، لهم أسرة مكسورة القلب وأقدام جريحة ومدفنه تهدمت حتى جذعها، بينما لنا أسرة بلا سرور ولا أسرار، تهدمت سلالهم، أما سلالمنا فقد تبعث سلامها وماتت الطمأنينة عليها، عندهم سور ذو مسامير خشنية وأسنان تقضم الوقت قضماً، أما نحن فليس ما يسندنا سوى المزيد من الثكنات والمعسكرات والمخبرين الذين يجثمون على صدورنا منذ ألفي عام، لديهم بركة ماء تدفعهم للعري والاغتسال والتبتل الذي مات بين الفرق والممرات ولدينا مطحنة تطحن سنواتنا طحناً.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.