تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل باشا رقم 8-9

نبذة عن كتاب تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل باشا رقم 8-9

لا يسع المرء إذا أجال الطرف فيما كانت عليه مصر يوم ارتقى (إسماعيل باشا) عرشه وما وصلت إليه من حضارة وتقدم يوم اعتزاله الأريكة الخديوية، إلا أن يعترف بأن إدون دي ليون السياسي المؤرخ لم يقل إلا الحقيقة الواقعة. فقد اعتلى (إسماعيل) أريكة مصر والبلاد لم تخلص بعد من ظلمات القرون الوسطى التي حاول “محمد علي” أن ينتشلها منها، فحال الأجل بينه وبين إتمام عمله، فوقفت مشروعاته، وتعطلت أنظمة العدل، وكادت تعفو آثار العلم، وتخبو حذوه التطور الذي بدت بشائره في سبيل المدينة.
كما نضف إلى ذلك صعاباً: منها ما نشأ عن امتياز قناة السويس الذي منحه (سعيد باشا) للشركة المعروفة، فقد كان يلزم مصر بتعهدات من شأنها أن تمس سيادتها في جزء كبير من أراضيه، ومنها ما اشتملت عليه الفرمانات الصادرة في سنة 1841 من نصوص تجعل تبعية مصر للدولة العثمانية في حالة أقل ما توصف بها أنها غير مرضية، وأنها تعرض البلاد لطوارئ ليست في الحسبان، كما أن الامتيازات التي منحتها الدولة العثمانية لرعايا الدول الأجنبية في مصر كانت حملاً ثقيلاً على عاتق المصريين، اضطربت لها الدولة، وتعددت بسببها السلطات المختلفة في البلد الواحد، حتى كانت النظم الداخلية مختلة معتلة.
أما في الخارج فكانت مصر مفقودة المكانة لا يعرفها على حقيقتها إلى النفر القليل، ويظن أكثر العالم المتمدن، أنها لا تمتاز عن بقية بلاد أفريقيا التي لا تزال تعيش عيشة همجية. تلك كانت حال البلاد ولكن بعد أن تولى (إسماعيل) العرش ست عشرة سنة ونصف السنة أي من تاريخ 1863 إلى سنة 1879 أصبحت لمصر حكومة منسقة تنسيق الأنظمة المتبعة في أرقى البلدان الأوروبية، من حيث نظامها النيابي والإداري والسياسي.
عن هذه الفترة التاريخية يتحدث المؤرخ “إلياس الأيوبي” في كتابه هذا والذي هو واحد من سلسلة كتب أصدرها تحت عنوان صفحات من تاريخ مصر، والتي يؤرخ فيها لمصر ولأخبار الأمم المرتبطة الشؤون بمصر… وهو هنا يتوقف عند الفترة السابق ذكرها في تاريخ مصر أي من 1863 إلى سنة 1879 مدة حكم الخديوي إسماعيل باشا مؤرخاً وناقداً، وكاشفاً عن أحوال البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في تلك الفترة الهامة من التاريخ المصري.