تاريخ العلم والتكنولوجيا “القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر”

نبذة عن كتاب تاريخ العلم والتكنولوجيا “القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر”

العنوان الفرعى لهذا الكتاب مأخوذ عن واحدة من المأثورات الرائعة التى عبربها فرانسيس بيكون عن أفكاره عن منهج العلم وهدفه: لايمكن قهر الطبيعة إلا بالامتثال لأحكامها.
وصدق هذه الحكمة واضح اليوم لكل من لا يسير فى الحياة مغمض العينين: فلقد أظهر الإنسان قدرته على قهر الطبيعة والسيطرة عليها والاستفادة منها -ولكنه مضطر لكى يحقق هذا إلى الخضوع لقوانينها. ولا سبيل إلى هذا إلا بدراسة هذه القوانين أولا من خلال أبحاثه الخاصة.
ويميل الإنسان المعاصر الذى نشأ فى مجتمع تكون التكنولوجيا المبينة على أساس علمى عنصرا جوهريا فيه، إلى اعتبار العلاقة الوثيقة بين هذين الوجهين للوجود الإنسانى أمرا واضحا بالبداهة، مثلما يقبل، بصفة عامة، ودون تساؤل وجود هذين الوجهين فى حد ذاته. ولقد يبدو هذا موقفا مفهوما لنا، إلا أنه على الرغم من ذلك أمر يدعو إلى الأسف فهو يخلق جوا من الاستمتاع السهل وعجزا عن تقدير الجهد الذهنى الجبار الذى بذله العلماء والتكنولوجيون على مر العصور لكى يصلوا إلى المستوى الراهن والذى مازالو يبذلونه للوصول إلى مستويات أعلى. وليس هناك سوى علاج وحيد لهذا الموقف غير المرغوب فيه، ألا وهو دراسة التاريخ.
والغرض من هذا الكتاب هو تقديم مساهمة متواضعة فى سبيل تحقيق هذا الهدف عن طريق رسم الخطوط العريضة لتطور الثروة التى اكتسبتها الثقافة العربية فى مجالى العلم والتكنولوجيا منذ أقدم العصور حتى بداية التعاون الوثيق بينهما.
والموضوع بهذه الصورة، معقد ومتسع ومن ثم اضطر المؤلفان إلى البدء بمعالجة علم المادة غير العضوية فقط واستبعاد علم الأحياء والطب كلية. وعلى هذا فقد انحصر هدفها فى مجرد تقديم عرض غير كامل نسبيا للتطور التاريخى للموضوعات التى احتواها الكتاب، آملين بهذا أن يثيرا الاهتمام بتاريخ العلم بصفة عامة.