النحو وكتب التفسير

نبذة عن كتاب النحو وكتب التفسير

هذا الكتاب “النحو وكتب التفسير” بحث نحوى قرآنى تفسيري, لتناوله صلة بالقرآن الكريم وتفسيره وقراءاته, منذ نشاة النحو إلى اليوم إذ قرر أن هذه النشأة كانت فى رحاب القرآن وبوحى من قدسته, ووجوب المحافظة عليه, وصيانته من اللحن وفساد الألسنة وتكسرها, وأن ترعرع النحو ونمو مباحثه ونضجها كانت فى هذه الرحاب, وبالحرص على خدمته وتوثيق نصه والتشرف بالمساهمة فى تحليل أساليبه وإيضاح معانيه, من علماء الإسلام والعربية.
فقد أثبت أن نحاتنا السابقين هم الذين أبلوا أحسن البلاء فى توثيق نص القرآن الكريم بالاحتجاج للقراءات وبيان عللها ووجوهها, واختلاف قرائها, وانهم هم الذين هيأوا لعلماء التفسير الوسيلة الفعالة لفهم معانيه والاجتهاد فى أحكامه وتفصيل ىدابه, وكان ما قاموا به من أبحاث فى كتبهم النحوية وكتب: “معانى القرآن” و”الأحتجاج”, وما غاصوا فيه من تحليل لآياته, كان ذلك هو القبس الذى اضاء للعلماء الطريق فى تفسير الكتاب العيز ومكنهم من تفسيره العقلى, إذ كان التقاء التفسير اللغوى بالأثري هو السبب الأكبر فى نشأة التفسير بالرأي, وجرأة العلماء عليه, وتوسعهم فيه, وترسيخهم أصوله ومناهجه.
وبذلك حدد التاريخ الصحيح لصلة البحوث النحوية بالقرآن الكريم باعتبارها صلة قائمة وثيقة منذ بدأ التفكير فى ابتكار النحو وبناء صرحه.
ولذلك يجد القارئ الكريم فى هذا الكتاب تصحيحا لأقوال قاصرة عامة-عن هذه الصلة-قالها بعض الأقدمين ورددها كثير من المحدثين, وهى فى أشد الحاجة إلى المناقشة والتحقيق, فكان من حظ هذا البحث أن يتشرف بالقيام بذلك وينوب عن المحدثين فيه.وكان من جراء ذلك أن نظر-هذا البحث- فى منهج المؤرحين للتفسير والمفسرين وفى ترتيبهم طبقاتهم, فرآه منهجاً غير علمى وينقصه كثير من التحديد وإيضاح المؤثرات والمعالم. فكان أن ابتكر-هذا البحث-تقسيماً جديداً لمراحل التفكير النحوى فى كتب التفسير, فجعلها ستاً, أجملها وحدد ممثليها من رجال التفسير الممهتمين بالنحو فى تفاسيرهم.
وقد كان للقراءات حظ وافر وتتبع واسع فيه, اقتضانى أن أتناول بالبيان ضوابطها ومواقف النحويين والمفسرين منها, ومناهجهم فى الحديث عنها إذ نظرهم إليها جزء متمم لمناهجهم النحوية فى تفاسيرهم, وهذا التناول كان فى مواضع مختلفة من الابحث ومناسبات كثيرة فيه.