الخليج: تحديات المستقبل

نبذة عن كتاب الخليج: تحديات المستقبل

تواجه منطقة الخليج العربي تحديات متعددة الأوجه والأنماط هي نتاج العديد من التطورات الدولية والإقليمية والداخلية. ولعل الضغوط الدولية التي تعرضت لها المنطقة في ما مضى كانت -في أغلبها- وليدة المخزون الوفير الذي تمتلكه من مصادر الطاقة، والأهمية الاقتصادية المتميزة التي تحظى بها، والموقع الاستراتيجي الذي تحتله. ومع ذلك، فإن المنطقة تستشعر الآن الوقع الأشد عمقاً للتطورات الكونية وعلى شتى الصعد. فعلى الصعيد الاقتصادي، دخلت الدول الخليجية في مواجهة مع الآثار الجارفة للعولمة وللتحول نحو تبني نظم اقتصادية قائمة على المعرفة. أما على الصعيد الاجتماعي، فقد أحدثت هذه التطورات الجديدة أيضاً تحولات بالغة الأهمية باتت تفعل فعلها في تغيير التقاليد والأعراف الثقافية التي تطاول عليها الزمن.
وفي هذه الأثناء، ما برحت الأضواء مسلطة على منطقة الشرق الأوسط منذ الأحداث العنيفة التي وقعت في 11 سبتمبر 2001، والتي سرعان ما أعقبها قيام حملة كونية على الإرهاب وشن عمليات عسكرية في أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. واستحوذت الأحداث التي وقعت في العراق عام 2003 على اهتمام العالم، والتي بلغت ذروتها في الحملة العسكرية المثيرة للجدل التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية لتغيير النظام القائم هناك عنوة، ووضع البلاد على مسار يتجه تدريجياً صوب الديمقراطية، وإن هي خلفت وراءها سلسلة من عمليات الاقتتال والدمار وأعمال العنف والمقاومة الشرسة. فكان أن أفرزت هذه الأحداث الكارثية تحديات سياسية وأمنية لا سابق لها للدول المتاخمة للعراق ولمنطقة الخليج العربي ككل.
ومن أجل تشخيص القضايا الملحة التي تواجهها منطقة الخليج وتدارسها، فقد اجتمعت نخبة من صانعي القرار والخبراء والأكاديميين لبحث موضوع الخليج: تحديات المستقبل في إطار المؤتمر السنوي التاسع لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي انعقد خلال الفترة 11-13 كانون الثاني/يناير من عام 2004 في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
ولقد سلطت الإسهامات التي اتسمت بنفاذ البصيرة، والتي طرحت في المؤتمر وجمعت في هذا الكتاب، الضوء على العديد من القضايا الكونية المهمة، ومن بينها: تغير معايير الأمن، وإعادة صياغة مسؤوليات النظم الحاكمة، والمضامين الأوسع نطاقاً للعولمة، والاستثمار في النشاطات الاقتصادية التنموية القائمة على المعرفة، والتحديات التي تواجه الحكومات التمثيلية، والتأثير الهائل الذي تحدثه وسائل الإعلام واتساع نطاق نفوذها.
وفي إطار الاهتمام الاستثنائي الذي أولاه المؤتمر لمسألة أمن الخليج والتطورات الإقليمية، يقدم الكتاب أيضاً تحليلاً دقيقاً للآثار المتوقعة مستقبلاً على أمن الخليج واستقراره في حال امتلاك إيران لقدرات نووية، وقيام حكومة عراقية ديمقراطية وضعيفة في الوقت نفسه، إضافة إلى مسألة توسيع إطار منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كمحفل للتعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي الفاعلين.
وعلاوة على ذلك يستشرف الكتاب الدور المتعاظم الذي باتت تلعبه المرأة في الخليج، وهي تستثمر الفرص التي تتاح لها في مجال التعليم العالي والمشاركة بصورة أوسع في قوة العمل، والتحرك في الوقت نفسه -وإن تدريجياً- لتعزيز دورها السياسي.
ويود مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية أن يعرب للمتحدثين الكرام عن تقديره لمشاركاتهم الفاعلة في أعمال المؤتمر والإسهام بآرائهم ووجهات نظرهم بشأن التطورات الكونية والإقليمية المهمة. وكلمة شكر مستحقة أيضاً لكل من عمل، في إدارة النشر العلمي بالمركز، على إصدار هذا الكتاب.