نبذة عن كتاب الإسلام دين الفطرة والحرية
زارني ذات يوم، وأنا في أكسفورد من بلاد الإنجليز، لفيف من نجباء طلبة العلم في كليتها الجامعة، فما كاد يستوي بهم المجلس حتى أخذنا نتحادث في أمر الشرق والشرقيين، وما لهم من الأخلاق والعادات والأحوال، التي تباين في كثير من الوجوه، ما عليه أهل أوربا، حتى أفضى بنا المقام إلى الكلام في الإسلام، فوجدت من خلال حديث القوم أنهم لا يكادون يفقهون للإسلام معنى، سوى أنه دين الاسترقاق والطلاق وتعدد الزوجات، وأن المسلمين يعبدون محمداً كما يعبد النصارى المسيح ابن مريم، وما زادوني فيهم بصيرة، فلطالما قابلت من أمثالهم ما أوقفني على مبلغ على معظم القوم بهذا الدين الحنيف.
فأخذت إذ ذاك أبين لأولئك الأفاضل، أصول الدين الإسلامي وقواعده وحكم بعض تكاليفه، فكنت أرى القوم يتدبرون ما أقص عليهم، من غير أن يستهوي نفوسهم تعصب، ولا يعمي قلوبهم عناد أو جحود، وهكذا فإنا نريد أن نذكر لك وجه كون الإسلام دين الفطرة، وأنه لو ترك الطفل وشأنه حتى كبر غير مهود ولا منصر لما اختار بفطرته إلا الإسلام، ولا يمكن توضيح ذلك إلا بالبحث في بعض أصول الإسلام وقواعده والأغراض التي يرمي إليها الشارع في تكاليفه.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.