ابن تيمية مؤرخاً

نبذة عن كتاب ابن تيمية مؤرخاً

التاريخ هو دراسة أحوال الإنسان وحركته على الأرض والنظر إلى معاملاته مع الله ورسله من حيث مدى التزامه بالاستقامة على هذا المنهج أو انحرافه عنه، والنظر إلى معاملته مع الناس، ومدى تفاعله مع الكون واستفادته مما سخر الله له من المخلوقات وبما أعطاه من مواهب وقدرات. وهذا بعينه ما اهتم به التاريخ الإسلامي الذي هو تاريخ دين وعقيدة، قبل أن يكون تاريخاً مجرداً لدراسة الدول والمعارك والنظم السياسية، لأن العقيدة هي التي أنشأت هذه الكيانات ونظمها، ومن هنا كان لابد من دراسة التاريخ الإسلامي وفهمه، وفق العقيدة الإسلامية الصحيحة والتصور الإسلامي الصحيح عن الله والكون والإنسان والحياة، حتى لا تنحرف الدراسات التاريخية عن خط العقيدة ومتطلباتها، فتأتي بتصورات وآراء وتفسيرات تخالف التصور الإسلامي الصحيح عن سنن الله فيا لحياة وسير الأحداث. وهذا ما قام به ثلة من المؤرخين االسابقتين والآخرين.
ومن أبرز من تصدى لهذا الأمر العظيم، وأوضح المغالطات التاريخية ورد زيف الروايات المكذوبة في التاريخ الإسلامي القاضي ابن العربي في كتاب “العواصم من القواصم”، والإمام ابن تيمية في كثير من رسالته وكتبه، خاصة كتابه القيم “منهاج السنة النبوية في نقص كلام الشيعة القدرية”، وكذا الحافظ الناقد الذهبي في كثير من مؤلفاته التاريخية مثل كتاب “سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام ومشاهير الإعلام – وميزان الاعتدال في نقد الرجال”، وأيضاً الحافظ ابن كثير المفسر المؤرخ في كتابه “البداية والنهاية”. وأيضاً الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري”، وكتاب “لسان الميزان وتهذيب التهذيب والإصابة في معرفة الصحابة”.
ولما كان لهؤلاء المؤرخين مؤلفات مستقلة ومنهج معروف في التاريخ الإسلامي، ماعدا ابن تيمية الذي اهتم الباحثون بدراسة كثير من جوانب فكره، فحظى بعنايتهم كفقيه ومحدث ومفسر للقرآن الكريم، ومصلح ديني واجتماعي وسياسي. ولكن الجانب التاريخ عند ابن تيمية لم يسبق أن بحث فيه – وهذا الذي يعنينا في هذا الكتاب وهو أيضاً باعثنا على إنجازه وتقديمه للقارئ العربي.