الرحلة عين الجغرافية المبصرة

نبذة عن كتاب الرحلة عين الجغرافية المبصرة

الرحلة جزء أصيل من حركة الحياة على الأرض . وقد لا تتجاوز الرحلة مسافة قصيرة في بعض الأحيان ، وقد تمتد وتطول حتى تغطي اطول المسافات بين المكان والمكان الآخر. ومن وراء كل رحلة دافع أو دوافع لكي تمضي على الطريق ومن بعد كل رحلة هدف أو غاية تجاوب إرادة الحياة. وصحيح أن كل رحلة قد حققت الهدف لحساب الإنسان ونبض الحياة المستمر على الأرض. وصحيح أيضا أن الإنسان الذي كرس اجتهاده لإنجاز الرحلة لم ولن يفرط أبدا في جني ثمرات الرحلة والانتفاع بها. ولكن الصحيح بعد ذلك كله أن الرحلة قد رسخت كل العوامل والمفاهيم التى بنيت عليها مسألة وحدة البشر على الأرض. بل لقد فجرت في الإنسان استشعار المصالح المشتركة ن التى وثقت عرى هذه الوحدة على الأرض. ومن غير الرحلة ينفرط عقد هذه الوحدة، وتتصرر حركة الحياة ومصيرها المشترك. وعلم الجغرافية في الرحلة شأن خاص ومأرب كثيرة . وما من شك في أن الرحلة قد أيقظت وفجرت في الإنسان – أى انسان- الحس الجغرافي الفطري، وهى تصطحب معها الاجتهاد الجغرافي لكي يبصرها ويرشد خطاها على الطريق وأعطيت الرحلة الاجتهاد الجغرافي في المقابل ، فرص المعاينة والرؤية والتعايش. ومن ثم تبنى علم الجغرافية الحديثة، رحلة جغرافية خاصة ومتخصصة. هذا ولقد وظف علم الجغرافية هذه الرحلة توظيفا حصيفا. وصحيح أن هذا التوظيف قد تطور لكي يجاوب إرادة البحث الجغرافي. ولكن المؤكد أن هذه الاستجابة قد أسعفت علم الجغرافية، وأشبعت اهتماماته وشدت أزره وهو يبحث عن مرماه وتطلعاته. ويضم هذا الكتاب محاولة جادة عن الرحلة وكيف اسعفت الاجتهاد الجغرافي وكيف وظفها لحسابه وقد تصور هذه المحاولة علاقة الصحبة والالتزام بين الرحلة والعمل الجغرافي على المدى الطويل وتمثل هذه المحاولة بعد ذلك كله نظرة على مسيرة الفكر الجغرافي خلال الرحلة والدور الوظيفي الذي نهضت به لحساب العمل الجغرافي.