نبذة عن كتاب حواريون بلا نبى (التحولات الفكرية والتنظيمية لحركات الإسلام السياسى)
إذا كانت ثقافة أي مجتمع تعد تعبيرًا عن فكره ووجدانه، فيما ينظم حياته وفقًا لمجموعة من المعايير تضعها الأعراف والتقاليد والرؤى، فعلى مستوى الثقافة المصرية كانت العقيدة الدينية عنصرًا أساسيًا في الذاتية الثقافية لمصر، فالدين سمة متأصلة في النفس الإنسانية وليس مرحلة وقتية منقضية من تاريخ الفكر الإنساني، وهنا يطرح “محمد أركون” سؤالًا مهمًا مفاده: هل هناك وظيفة كهنوتية في الإسلام؟ وكيف يدخل المؤمنون في تواصل مع الإله؟ ويجيب بأنه لا يوجد كهنوت في الإسلام، فكل مؤمن يدخل في تواصل مباشر مع الله دون وسطاء، فلا يوجد تنظيم مراتبي هرمي يتمتع بسلطات روحية أو سياسية.
وعندما ننظر في كتاب الله نجد أن الآيات الخاصة بالسياسة ذات طابع فضفاض، فضلًا عن ندرتها بالقياس إلى تلك المتعلقة بالتشريع، كما أن القرآن طرح مبادئ عامة، فهو منزه عن الأدلجة والتطويع، لكنه وظف لخدمة الأهواء والمصالح.
إن خوف الكثير من الإسلاميين من أن العالم يدفع نحو التوجه العلماني، دفعهم إلى نماذج موروثة مغلقة ومغالية في التبسيط، ففي تلك النماذج هروب من الاجتهاد الذي هو بالنسبة لهم يقدم أحكامًا غير قاطعة، ويختلق حالة من عدم اليقين، فأضفوا القداسة على النصوص، بل ووقفوا عند ظواهرها، ورفضوا إعمال الرأي أو الاجتهاد أو التأويل أو القياس.
ولكن من المؤكد أن هناك حاجة إلى التطوير والتجديد، وهو ما يحتاج إلى فتح باب الاجتهاد، فما أصابنا من تكلس ليس لعيب بنائي في الإسلام، ولكنه تقاعس من قبل من توقفوا عن الاجتهاد واكتفوا بالنقل، فالعقل الإنساني يعد مناط التكريم الإلهي، والشرع أوجب النظر بالعقل في الموجودات، فالأمة التي لا تعي دينها تخل في أداء دورها الحضاري، فتتحرك السنن لإسقاطها، والاجتهاد في جوهره هو بمثابة النظام المعرفي الذي يربط الدين بالدنيا.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.