السينما التسجيلية عند جريرسون

نبذة عن كتاب السينما التسجيلية عند جريرسون

في أوائل العقد الثالث من القرن العشرين بدأت تظهر في المطبوعات العامة كلمة جديدة واسم جديد. أما الكلمة الجديدة فكانت “ألأفلام التسجيلية” وأما الاسم الجديد فكان “جون جريرسون”، والواقع أن كلمة الأفلام التسجيلية ظهرت لأول مرة في مقال فني كتبه جريرسون لمجلة “نيويورك صن” في فبراير عام 1926. وقد اقتبست الكلمة عن تعبير كان الفرنسيون يطلقونه على أفلام الرحلات.
واستخدم جريرسون كلمة “فيلم تسجيلي” ليصف فيلم الذي أخرجه روبرت فلا هرتي وصور فيه حياة سكان جزر البحار الجنونية. وقد حدد جريرسون فيما بعد ما يقصده بعبارة تسجيلي إذ قال” إن الفيلم التسجيلي هو معالجة الأحداث الواقعية الجارية بأسلوب فيه خلق فني” وفي مدى خمسة عشر أو عشرين عاماً أصبحت كلمة الأفلام التسجيلية تعبر عن نشاط سينمائي واسع يتمثل في استخدام الأفلام للتحليل الاجتماعى. وفي خلال هذه الأعوام ساهم عدد كبير من الرجال والعقول في تحقيق هذا التطور، إلا أن جريرسون كان دائماً هو القوة الرئيسية الدافعة لحركة الأفلام التسجيلية كما كان مصدر إلهامها الأول.
فقد استطاع أن يرى بخياله العريض مدى الخدمات التي تستطيع الأفلام أن تؤديها في خلق العزم والإدارة في النفوس بالإضافة إلى دورها في الترفيه والتسلية وقد كان فهمه للسينما يمتاز بالعمق الذي يسر له أن يعرض أفكاره بشكل متقن مقنع. وقد أدى دوره كأستاذ نجح في إثارة الحماس في قلوب السينمائيين لبذل الجهود المضنية.
كما استطاع أن يحصل على ولائهم المطلق. وقد نجح أيضاً في أداء دوره القيادي أن خاض معارك السينما التسجيلية وانتصر على الشكوك وحده الفهم بفضل إيمانه العميق بأفكاره. هذه هي قصة الرجل والحركة التي أسسها وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يحتوي على مجموعة مختارة من مقالات جريرسون عن السينما التي كتبها في الفترة ما بين 1930و1945. ولا بد من أن نؤكد أن هذه المقالات ليست سوى مجموعة مختارة. فلم يتضمن هذا الكتاب مثلاً سوى عدد قليل من المقالات نقد الأفلام التي ساهم بها جريرسون في عدد من الصحف والمجلات في أوائل العقد الثالث من القرن الحال. كما ويتضمن الكتاب بعض المقالات التي كتبها جريرسون عن قواعد السينما التسجيلية وعن العلاقات المترابطة بين التعليم والدعاية والديمقراطية.